الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الفنانة المصرية لينا أسامة

القاهرة - نعم ليبيا

تقترب الفنانة المصرية لينا أسامة في واحدة من لوحات معرضها الجديد، «ديناصورات منزلية»، من سيناريوهات التغيرات البيئية ودلالاتها الاجتماعية والثقافية اللصيقة بالحياة اليومية، وهي لوحة ضمن مشروع نتاجه مائة لوحة في المعرض الذي يتم عرضه بتقنية الفيديو عن بعد على صفحات غاليري "آزاد" الإلكترونية في القاهرة. في لحظة تلاحم بشري حيث يسرع الكل في اتجاهات متنوعة، لم يلفت انتباه أحد من هؤلاء المارة، في غمرة تلك اللحظة الديناميكية، ظهور عدد من الديناصورات التي تقف على بُعد عدة أمتار منهم، حتى إنهم صاروا شركاءهم في شوارع عاصمتهم المزدحمة، فهؤلاء المارة مشغولون تماماً بالفوضى التي صارت تمنعهم من إدراك التغيرات البيئية السريعة والمتتالية التي باتت تحيط بهم.

في المعرض يمكنك مشاهدة الديناصورات بعناصرها الفنية المتنوعة وهي تجوب داخل المدينة، وتقوم بدور الشاهد على تلك اللحظة التاريخية التي يعيشها العالم، منذ ارتفاع نسبة حرائق غابات الأمازون، وغابات أستراليا، والعواصف الترابية المتكررة، وارتفاع نسبة التصحر، وحتى تعايشنا مع الأوبئة والفيروسات كما في هذه الأيام، وجميعها مشاهد بيئية واجتماعية معقدة، اختارت لينا أسامة مدخلاً خيالياً وغرائبياً لمحاولة تأملها، على غرار اقتحام كائنات منقرضة ومثيرة للاهتمام حتى اليوم للمشهد المعاصر، وتتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن رمزيته بقولها: «الديناصور في لوحات المعرض يمثل الإنسان المعاصر الذي يواجه تغيرات مناخية تهدد حياته وسلامته، وفي مواضع أخرى يمثل المواطن القاهري الذي يعيش داخل مدينة عريقة شديدة الازدحام تمر بتغيرات اجتماعية عنيفة وسريعة جداً، لكن هو في أغلب الأحيان يرمز لحالة عامة من الفوضى والمخاوف البيئية والطبيعية التي يمرّ بها العالم».

هذه الرمزية التي تربط بها لينا أسامة بين الديناصورات والإنسان المدجج بالخوف من عالمه، تمنح الديناصورات ملمحاً يميل للتعاطف أكثر من الصورة النمطية التي تميل لتصوير ضخامته وخطورته، وهي مفارقة تتوقف عندها لينا بالتعليق: «رسمتُ الديناصورات في صورتها المهيبة، ولكنها في الوقت ذاته، تحمل ملامح حائرة وقلقة، فأنا أجد في ملامح وجوهها قدرة عالية على التعبير والإحساس، على عكس الصورة المتعارف عليها عن هذه الحيوانات المنقرضة».

تقترب صاحبة المعرض من تاريخ الديناصورات كثيراً قبل أن تستضيفها في معرضها الفني، وتطلي عليهم دلالات بصرية في لوحاتها؛ فهي تقدم الصراع التاريخي بين الديناصورين «تيريكس» آكل اللحم، و«ستاجوسوروس» القوي آكل العشب، ووضعتهما في لوحاتها في رمزية للعلاقة والصراع الأبدي بين أقطاب الحياة ما بين خير وشرّ، وجعلت من صراعهما محاولة للاقتراب من «ثيمة» الفوضوية، والبعد عن المنطق في كثير من الأفعال البشرية.

واستعانت الفنانة بعدد من رموز مصر القديمة، فصورّت واحداً من ديناصورات المشروع الفني في صورة ديناصور حالم، متخذاً هيئة طائر له لون ووجه مصري قديم، في اقتراب من رمز «ألبا» المهجّن من إنسان وطائر ممثلاً للروح البشرية في أسطورة مصرية قديمة، تقول عنه لينا: «قدمتُ هذا الديناصور للاقتراب بالمتفرج من الشعور بالحنين لحقبة زمنية ماضية في صورة من الغرائبية والغموض، خصوصاً أن الديناصور في بعض اللوحات يرمز للآخر في حياة البشر».

وبالإضافة للـ«موتيفات» الفرعونية التي تظهر في اللوحات، فإن ثمة لوحات تستلهم منمنمات فارسية وإسلامية قديمة لا سيما الرسومات الهندسية ذات ألوان ساطعة متناقضة، ونقوش وورود مطبوعة، وكذلك الظهور المتكرر للخيل المنطلق كرمز للغرائز والرغبات البشرية الجامحة، المدمرة أحياناً.

تمر اللوحات على انفعالات مستلهمة من الأمطار الشديدة في أستراليا، التي أطفأت الحرائق المدمرة التي اجتاحت تلك الغابات، وكانت اللوحة بمثابة لحظة احتفال بقوى الطبيعة، لا سيما رقصة الكنغر تحت المطر، وفي خضم اشتغال الفنانة بمشروعها الغارق في التغيرات البيئية وآثارها، اندلعت «جائحة كورونا»، بما فرضه هذا الفيروس من تغيُّر سريع على الحياة الشخصية والعامة، الأمر الذي ظهر تأثيره على بعض اللوحات، حيث خرجت الفنانة فيها من الألوان الترابية التي سادت العدد الأكبر من لوحات المعرض، لتتجه إلى ألوان أكثر دكانة، ووجوه أكثر غرائبية وسيريالية، كلوحة لديناصورات مقنّعة في مسيرة تضم مصريين قدماء ومعهم آخر زرافة بيضاء قام بقتلها بعض الصيادين أخيراً في أفريقيا، في إحالة لتبادل التأثيرين الإيجابي والسلبي بين البشر والكائنات الأخرى في العالم، وهي لوحة تتسق مع مشروع صاحبة المعرض الفني الباحث في ملامح المدينة المشتركة التي تتسع للجميع.

قد يهمك ايضا

أحد القصور التاريخية تتزيَّن بمنتجات النخيل التراثية في الوادي الجديد المصرية

طرح الطبعة الثامنة من رواية "حديث الصباح والمساء" للأديب نجيب محفوظ

View on yeslibya.net

أخبار ذات صلة

فنان يحول منازل قرية مصرية مهجورة منذ عشرات السنوات…
بسّام الحجار يجسد منحوتات فخارية وحجرية شخصيات تاريخية عربية
مصري يفوز بجائزة أفضل كتاب في التاريخ الاجتماعي من…
الاحتفاء بعيد الموسيقى العالمي بحفل فني من طراز الزمن…
مائة تشكيلي مصري يجابهون فيروس "كورونا" عبر "الفن للخير"

اخر الاخبار

"النواب الليبي" يُرحب بدعوة مجلس الأمن لوقف إطلاق النار
عقيلة يكشف آلية تشكيل المجلس الرئاسي الجديد
الخارجية الأميركية تدعو إلى وقف التصعيد وإطلاق النار في…
وقف عملية إجلاء الليبيين العالقين فى تركيا لحين عودة…

فن وموسيقى

هند صبري تُعلق على قضية الشاب المصري الذي تحرش…
نيللي كريم ترد على اتهامات تشبيه "بـ100 وش" بفيلم…
هاني شاكر يتمنَّى أن يكون المصريين "أكثر رقة" ويؤكّد…
أمينة خليل تُؤكّد أنّها لم تخَف مِن طرح القضايا…

أخبار النجوم

التونسية درة تؤكد أن طموحاتها الفنية أكبر مما حققته…
لوسي تكشف سبب غيابها عن موسم الدراما الرمضانية هذا…
فرح المهدي تؤكد أن دورها في "ورود ملونة" حقق…
ليندا بيطار تقدم مجموعة من الأغنيات السورية وتكشف عن…

رياضة

كورونا تؤخر التحاق أكرم الزوي بالفيصلي الأردني
إغلاق الحدود يحرم المحترفين الليبيين الالتحاق بأنديتهم
الهريش يشيد بمعاملة الجزائريين ويأمل استئناف الدوري قريبًا
الاتحاد الليبي لكرة القدم يدرس إقامة دوري جديد

صحة وتغذية

أطعمة تُخلصك من اضطراب المعدة والإسهال تعرف عليها
أسباب تجعلك تُدخل "شاي شاغا" في نظامك الغذائي
طبيب يعلن عن أكثر الخرافات المتعلقة الشاي
حالات الإصابة بـ"كورونا" في أفريقيا تُسجل مستوى جديد

الأخبار الأكثر قراءة