المتاجرون في الألم القومي

المتاجرون في الألم القومي

المغرب اليوم -

المتاجرون في الألم القومي

بقلم - بدر الدين الإدريسي

هي مرحلة دقيقة وخطيرة، أشبه ما تكون بالنفق الملظلم، أدخلنا إليها الخروج الصاغر للفريق الوطني من كأس إفريقيا للأمم، مقصيا من سناجب بنين وهو من دخل المونديال الإفريقي في ثوب المرشح للفوز باللقب، وخطورة المرحلة ودقتها في أنها تستوجب منا تفسيرا منطقيا وتعليلا موضوعيا لمسببات الإخفاق، بعيدا من المزايدات التي تعج بها الكثير من «الدكاكين الصحفية» المفتوحة بمناسبة هذا الألم القومي، حيث تكون المتاجرة علنا وبلا أدنى وازع أخلاقي ومهني بمشاعر المغاربة المجروحين، بتحول حلم الفوز باللقب الإفريقي إلى سراب.

مع اختلاف السياقات، عاشت كرة القدم المغربية في سالف العصر والأوان، إخفاقات من نفس الجنس، فما أكثر ما دخل فريقنا الوطني نهائيات كأس إفريقيا للأمم مرشحا فوق العادة للمنافسة على التاج القاري، فخرج يجر ذيول الخيبة، ومع هذا الخروج الصاغر عم المشهد الكروي الوطني صخب كبير، بين دموع تنهمر على المآل الحزين، وبين منظر دموي سببه أن المعتادين على تفريغ حمولات الحقد، أخرجوا السكاكين من أغمادها وقطعوا بلا رحمة جلد الأسد الساقط، حدث ذلك بمقاسات متفاوتة في الفظاعة، مع خروجنا من الدور الأول لكأس إفريقيا للأمم في نسخها 2000 و2002 و2006 و2008 و2012 و2013، ويمكن القول أن عدم التعمق في قراءة مسببات الفشل هو ما أطال مكوثنا في الظل، فما استطاع فريقنا الوطني إلى اليوم أن يكرر ما تحقق سنة 2004، بوصوله ضدا على كل التوقعات للمباراة النهائية، وكان من حظه التعيس أنه واجه في هذا النهائي منتخبا تونسيا لم يكن على استعداد ليفرط في اللقب، وقد كان الأول له، والمسابقة تقام على أرضه.

طبعا لا يرضيني شخصيا أن أتخندق مع العدميين ومع الشعبويين ومع المتاجرين بمشاعر المغاربة، ممن نسمع صدى نباحهم ونعيقهم من مسافات بعيدة، يجترون مفردات باتت محفوظة للمغاربة من كثرة تكرارها كلما حلت بنا أزمة الإقصاء، لذلك لن أنساق وراء المكرور من خطب التشفي التي تقطع روؤسا ولا تبني موقفا، تعدم تاريخا ولا تصنع لحظة، وسأقول بأن ما نحن بصدده اليوم، رسوب قاري نحتاج إلى ما يعلل العلامات الضعيفة فيه، وإلى ما يقترح طريقا نسلكه، حتى لا نطيل الوقوف لزمن طويل أمام حائط المبكي والتشكي.

بمطلق الأمانة، فإن من يتحمل في مقام أول مسؤولية هذا الإخفاق هو الناخب الوطني هيرفي رونار، ولا أعتقد أننا نتجنى عليه في ذلك، لأنه هو نفسه كان أول من خرج علينا بعد مباراة بنين، يحمل نفسه مسؤولية هذا الذي حدث، فهو من اختار بضمير مرتاح وبدون أدنى ضغوط أو إملاءات، أن يحتفظ بنفس النواة الصلبة التي لعبت المونديال، وظهر جليا أن بعض مكوناتها إما تقدمت في السن، وإما أنها أخلت بنظام المعايير المتبع في الإختيارات، وهو من عجز عن تهوية منظومة اللعب وقد اختنقت بأدخنة كثيرة، وهو من افتقد للحلول في أصعب اللحظات لحل الإشكالات التكتيكية.

وإذا كانت الجامعة تتحمل من مسؤولية في هذا الإخفاق، فمسؤوليتها الوحيدة أنها أذعنت لإرادة هيرفي رونار خوفا من التضييق عليه، فأصبحت شريكة في وضع المحددات الكبرى للعمل الذي أعقب المونديال، أما ما كان من الأرقام المالية التي يروج لها كميزانية مرصودة للفريق الوطني لتجهيزه لوجيستيا وتقنيا، فهي مبررة بالنظر للستاندار العالمي وليس بإعمال المقياس القاري، ومتى كانت الموازنات المالية المرصودة للأندية والمنتخبات هي التي تحدد نتائج المباريات؟

نتفق إذا على أننا أمام إخفاق كروي، يستوجب بعد التوافق على مسبابته وتعليلاته، أن نضع طريقا يسرع بنا الخطى للخروج من النفق، طريق تكون فيه علامات العهد الجديد واضحة، وهذه العلامات ستتضح أكثر إن نحن أجبنا على كثير من الأسئلة وهذه بعضها:

لو اعتبرنا أن هيرفي رونار هو جوهر الفشل من دون أن نجرده من كل حسنات السنوات الثلاث التي قضاها على رأس الفريق الوطني، هل من مصلحة الفريق الوطني أن نحتفظ به مدربا وناخبا وطنيا؟ أم أن من موجبات المرحلة الجديدة أن نقيله ونبحث عن ربان جديد؟

ما العمل مع المقاربة التي وضعتها الجامعة في تدبير مرفق الفريق الوطني؟

إن فشل الفريق الوطني في التوقيع على كأس إفريقية للأمم  تتطابق مع ممكناته وتحقق انتظارات المغاربة، يفرض علينا بعد الإجابة بهدوء وبلا تشنج على ما سلف من الأسئلة، أن نتجاوز اختلالات منظومة التكوين وأن نوقف التهميش الفظيع الذي يطال لاعبي البطولة الوطنية وأن نكسر لعنة الإقصاءات التي ترافق كل منتخباتنا الوطنية في تباريها قاريا، وقبل هذا وذاك أن نراكم على كل النجاحات التي حققتها كرة القدم الوطنية في مجالات عدة، بخاصة تلك التي لها طابع هيكلي ولوجيستي، فلا ننساق وراء المنتفخة غددهم وأوداجهم والمتطاير لعابهم في استديوهات الشقاء، لنحطم الصرح فوق الرؤوس..       

عن صحيفة المنتخب المغربية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتاجرون في الألم القومي المتاجرون في الألم القومي



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 05:17 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

نبات "الكافا" أفضل تكملة لتحسين الحالة النفسية

GMT 19:13 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جون سينا يرتدي ملابس نيكي بيلا ويقلدها بشكل غريب للغاية

GMT 00:44 2017 الخميس ,27 إبريل / نيسان

منة شلبي تتحدث عن دورها في مسلسل "واحة الغروب"

GMT 17:20 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكاف" يكشف موقفه من حركة عماد متعب المثيرة للجدل

GMT 02:37 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الأحمر لمسة جديدة تقتحم موضة ملابس الرجال لموسم شتاء 2016

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 10:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

عين الجمل وصفة سحرية للذكاء والجنس والحمية والسرطان

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 03:20 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سيدة الصين الأولى تلتقي زوجة رئيس الوزراء البريطاني

GMT 18:53 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

إيناس النجار تحتفل بخطبتها على رجل الأعمال محمد محفوظ

GMT 03:24 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الفطر القضيبي يطلق محتوى مثير يشبه الهرمونات بمجرد الشم

GMT 01:23 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

إذاعة "ميكس ميغابول" تتعرض للقرصنة من قبل "داعش"

GMT 02:21 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عبير عبد الوهاب تُعلن سبب انضمامها إلى الإعلام

GMT 00:45 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة التغذية تُعطي نصائح للوقاية من أمراض الشتاء مسبقًا
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya