التشاؤم الاتجاه الممنوع

"التشاؤم.. الاتجاه الممنوع"

المغرب اليوم -

التشاؤم الاتجاه الممنوع

بقلم - بدر الدين الإدريسي

ما غلبني في أي مرة التشاؤم، أو بالأحرى ما حبيت في أي مرة أن أكون متشائما وسوداويا في رصد واقع كرة القدم الوطنية الذي هو مرآة عاكسة لما يتفاعل بشكل من الأشكال في المشهد الرياضي الوطني، فقد كنت وما زلت مؤمنا أن وسط كل الغمامات الداكنة توجد شمس تستطيع إن أشرقت أن تبعث فينا الأمل، ووسط أكوام الخيبات هناك خيوط رفيعة متى وجدناها، متى كان ممكنا أن نخرج قليلا من خرائب التشاؤم والإحباط والقتل العمد للقدرات.

كثيرون من الذين بالغوا ذات وقت في تشاؤمهم وقد إشتدت أزمة كرة القدم الوطنية وقوي مفعولها السلبي على النفوس، ولم يروا في حلكة الظلام وسواده ومضة نور تطرد العتمة، لا يصدقون هذا الذي حدث في سنة 2017 لكرة القدم الوطنية، وقد تحقق أخيرا حلم العودة لرحاب كأس العالم بعد غياب مرير إستمر لعشرين سنة، وأيضا نجحت النوادي المغربية في الوقوف على قمة هرم الأبطال إفريقيا، بل وأن المغرب بات منطلقا للقرارات التاريخية والجريئة التي ستغير وجه كرة القدم الإفريقية.

لا يصدق كثير من هؤلاء الذين غلبهم التشاؤم وما صدروا للناس سوى خطابات اليأس، أن كرة القدم المغربية تحررت من قيود البؤس وارتفعت لمستوى صناعة الإنجازات، وأخاف إنهم صدقوا على مضض أن صبحا جديدا قد إنبلج، أن ينسبوه إلى قوة خارقة تسمى تارة صدفة وتارة أخرى حظا، فيبخس حقها وتضيع قيمتها ولا نستطيع أن نجعل منها ظاهرة رياضية ما جاءت بالصورة التي هي عليها اليوم، إلا لأن هناك إستراتيجية بأبعاد مختلفة تم إطلاقها قبل ثلاث سنوات وروعي في تنزيلها جانب العلمية والإلتزام والإنضباط أيضا.

لو وصفنا هذا الذي تحقق لكرة القدم المغربية سنة 2017، بالإنجازات الجماعية والفردية، الرياضية والتسويقية على حد سواء، فلا يجوز أبدا أن نقول بأن تلك الإنجازات ولدت من العدم، كما لا يجوز القول أننا بها بلغنا المنتهى وأننا أصبحنا في مأمن من هزات واختناقات كالتي ترددت علينا في مرات سابقة.

لا يجوز أن ننظر بنوع من العدمية لتلك الإنجازات وهي التي قامت على أنقاض مرحلة بئيسة جرى تشريحها وتقييمها ومن خلال ذلك كله إنبثقت رؤية هي التي إشتغلت عليها عائلة كرة القدم الوطنية باستحضار لكل شروط العمل العلمي العميق، فكانت تلك النجاحات، التي لطالما قلت أن بإمكان كرة القدم الوطنية أن تحققها متى تطابقت مع قدراتها ومتى أخلصت وصدقت النوايا ومتى إلتزمت بشروط البراعة والإثقان في العمل.

ومتى إستحضرنا الطريق الموحشة والوعرة التي سلكتها كرة القدم والسنوات التي قضتها في سيرها وسط خرائب الإحباطات والفشل، متى أدركنا كم سيكون ضروريا أن نعامل هذه الإنجازات بمنتهى التواضع والحكمة، فلا ننسبها للصدفة فنبخس حق العمل الكبير الذي أوصلنا لها وأيضا لا نعاملها وكأنها صفة الكمال التي كنا ننشدها، فهناك بلا شك غايات كثيرة شديدة الأهمية، الغاية الأولى هي الحفاظ على هذه الإنجازات بالإستثمار فيها، والغاية الثانية هي أن لا نعود لتعذيب النفس بالسقوط مجددا في أخطاء التقدير والتدبير والغاية الثالثة هي أن ننتبه إلى أن الكأس لها نصف مملوء ولها أيضا نصف فارغ لا يمكن تحت أي سبب أن نتجاهله.

وسيكون من المنذر بوقوع أزمات أخرى، أن نقلل من شأن الإختلالات الهيكلية والتدبيرية التي ما زالت تسيطر على المشهد الكروي الوطني، فمن شروط إستمرارية النجاحات وتعاقب الإنجازات أن نواصل العمل الهيكلي لتقويم المشهد الكروي أولا ولنتقدم حثيثا بمشروعنا الإحترافي ثانيا. فما أكثر ما قلنا أن كرة القدم المغربية تسير بسرعتين متباعدتين، سرعة معقولة ومتطابقة مع العصر تسير بها الجامعة وقد ساعدت على إنجاز الكثير من الأوراش وسرعة بطيئة بطء السلحفاة تسير بها النوادي التي هي للأسف قاعدة الهرم ومرتكز العمل وأساس المشروع الإحترافي بكل أبعاده الرياضية والإنمائية والمجتمعية، ويبدو ذلك ظاهرا في حالة الإحتقان والإختناق التي تسود أغلب النوادي بسبب ضحالة الرؤية وعدم أهلية من تهافتوا على تسييرها بلا أدنى وازع رياضي وأخلاقي.

إن الرهان الأكبر لكرة القدم الوطنية في سنتها القادمة 2018، هو أن تتوصل لتوحيد السرعات، وأن تصبح النوادي بنفس نجاعة وفعالية الجامعة في تدبير الأوراش الإستراتيجية، فهذا سبيلنا الأوحد لنتفادى سياسة الشجرة التي تخبئ الغابة ولنضمن لكرة القدم منهج عمل جماعي تتوحد بداخله قوى الأندية والعصب والجامعة، فتتكلم لغة واحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التشاؤم الاتجاه الممنوع التشاؤم الاتجاه الممنوع



GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جيرار على طريقة لويبيتيغي

GMT 09:47 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح بموشحات أندلسية

GMT 12:56 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد السلام حناط رجاوي عريق في قلب كوكبي أصيل!

GMT 11:09 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي مرة أخرى

GMT 13:09 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد..أزمة نتائج أم أزمة تسيير ؟

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 17:28 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الوضع مناسبٌ تماماً لإثبات حضورك ونفوذك

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة تمنعك مِن النوم ليلًا عليك الابتعاد عنها

GMT 14:54 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

السجن أربع سنوات لطالب بسبب فيديو حول الملك

GMT 07:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العقوبات الأميركية تطال وزير الداخلية الكوبي

GMT 11:15 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أولغا توكارشوك تفوز بجائزة نوبل في الآداب لعام 2018

GMT 19:09 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

أجمل أساور ذهب عريضة من مجموعات مجوهرات 2020

GMT 03:01 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأبيض والأسود يسيطران على الحضور اعتراضًا على التحرش

GMT 11:39 2014 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

"شيفروليّة" تطلق الجيل الجديد من "كامارو" في 2016
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya