جنازة الطاليان

جنازة الطاليان

المغرب اليوم -

جنازة الطاليان

بقلم-المهدي الحداد

ظلت تحتضر وتتعذب لسنوات، قبل أن تكتب رسميا شهادة الوفاة، ويتم تشييعها إلى مقبرة التاريخ وسط شهادات الحسرة والحزن، مع إستحضار ذكرياتها المجيدة وماضيها الحافل بالأحداث والإنجازات.

 الطاليان في جنازة بعدما مزٌّق الزمن كرتهم، وطردهم من الساحة الأوروبية والعالمية، ودفعهم إلى منحدر الإنتحار، بعدما عجزوا عن ضبط سرعة المنعرج، ليزيغوا ويسقطوا سقطة مروعة أودت بسمعتهم وكبريائهم.

مضى زمن «كاتيناشيو» ولم يعد يفيد في شيء، ولّت هيمنة الثلاثي جوفنتوس وميلان وأنتر على منصات الألقاب الأوروبية، تهاوى برج الأزوري العظيم فلم يعد قادرا حتى على التأهل لكأس العالم، سقطت أوراق أساطير التدريب بإعتزال طراباطوني، ساكي، كابيلو و إنزواء ليبي وأنشيلوتي..، وذهبت المتعة والتشويق بنهاية آخر جيل أسطوري يقوده ديل بييرو، طوتي، كانافارو، نيسطا، بيرلو، بوفون، كامورانيزي وآخرين..

 وا أسفاه على حاضر ميلان الذي يرقد في العناية المركزة منذ 12 عاما، وا أسفاه على الأزوري الذي غاب عن المونديال لأول مرة منذ سنة 1958، وا أسفاه على السيدة العجوز الديكتاتورية بالكالشيو والعاجزة في أوروبا، وا أسفاه على تسيير الأندية الإيطالية التي إستبدلت الرجال العظماء بمافيا العصابات ورجال الأعمال المزيفين من مختلف أنحاء العالم وخاصة شرق آسيا.

جميع الأمور لا تسير على ما يرام في الكرة الإيطالية، والأزمات المادية الخانقة أوصلتها إلى الحضيض، فأعلِن الإفلاس المالي والتقني، وهرب النجوم من أعراس الطاليان، لتصبح ساحة الكالشيو ملاذا للصغار والباحثين عن الذات، ومعهم المنبوذين والمنتهية صلاحيتهم في السوق الأوروبية المسعورة، قبل أن يعيد رونالدو القليل من الأضواء إلى وزارة الدفاع التي طلب اللجوء بها هاربا من ظلم بيريز وضيق الصدر بريال مدريد.

 بون شاسع بين سياسة التكوين ومزارع المواهب في إيطاليا وإسبانيا أو فرنسا حاليا، وفارق كبير في المخططات بين هذه الدول، إذ لم يعد الطاليان يعرفون ما يريدون، فحاولوا الخروج من مدرستهم الكلاسيكية الدفاعية ومجاراة إيقاع وهجوم الإسبان، فتاهوا وإختلطت عليهم الأمور، ليصيروا مثل ذلك الغراب الذي أراد أن يُقلد مشية الحمام.

أستحضر هنا تصريحا لعميد جوفنتوس الحالي كيليني الذي إتهم إسبانيا في شخص المدرب غوارديولا بتدمير الطاليان، حينما قال أنه منذ أن بدأ المدافع يبارح منطقته ويبني الهجمات ويلعب بأسلوب «تيكي تاكا» إنتهت المدرسة الإيطالية، وتفرقت الأندية بين مؤيد ومعارض، فغابت الهوية وحلّت الضحية.

 هذا الفكر التقليدي وشيخوخة العقول والفساد نفّروا الجمهور والمستشهرين العالميين، وأسقطوا الكرة الإيطالية من الخارطة ليحصروها بين البرمرليغ والليغا، وأنزلوا قيمة ديربي الغضب مثلا بين ميلان وأنتر 30 مرتبة إلى الأسفل، كما أفرغوا جل الملاعب المحلية وقلّصوا من عدد الحضور والأنصار، ودفعوا الأطر التدريبية الشابة واللاعبين الصاعدين لطلب اللجوء في بطولات منافسة.

 آخر لقب للطاليان بعصبة الأبطال يعود إلى 2010 وتتويج أنتر مورينيو، و20 سنة كاملة لم يحضر فيه أي فريق إيطالي المباراة النهائية للأوروليغ، وكل محاولات نابولي وجوفنتوس في السنوات الأخيرة باءت بالفشل، خصوصا اليوفي الذي فعل كل شيء واشترى جميع النجوم للمصالحة مع أميرة القارة بعد خصام 23 عاما، لكنه عجز وإندحر، وتلقى الصفعات تلو الأخرى، وأكد للعالم أن إيطاليا ماتت رسميا وتم تشييعها في جنازة الحسرة والألم والبكاء على التاريخ، في إنتظار يوم بعثها كرويا.

 وفاة المدرسة الإيطالية درس للجميع، درس لأي قطاع وجامعة، فريق ومؤطر، مؤسسة ورئيس، بعقلية كلاسيكية تعيش على الماضي، تأبى التغيير وترفض التجديد، ينخرها الفساد ويشوبها الغموض، وتتوهم دائما أنها الأصل والبقية تلاميذ، في حين أن الزمن والحاضر والمستقبل، لا يعرفون غير المجتهد المتطور، ولا يكافئون سوى الطموح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنازة الطاليان جنازة الطاليان



GMT 11:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

"بوغبا" الزيات والبنزرتي "الخواف"

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الخيانة الكروية

GMT 10:48 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

برمجة غريبة

GMT 10:26 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

هداف منتصف الليل

GMT 10:22 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

"عشرة فيهم البركة"...

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 05:17 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

نبات "الكافا" أفضل تكملة لتحسين الحالة النفسية

GMT 19:13 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جون سينا يرتدي ملابس نيكي بيلا ويقلدها بشكل غريب للغاية

GMT 00:44 2017 الخميس ,27 إبريل / نيسان

منة شلبي تتحدث عن دورها في مسلسل "واحة الغروب"

GMT 17:20 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكاف" يكشف موقفه من حركة عماد متعب المثيرة للجدل

GMT 02:37 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الأحمر لمسة جديدة تقتحم موضة ملابس الرجال لموسم شتاء 2016

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 10:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

عين الجمل وصفة سحرية للذكاء والجنس والحمية والسرطان

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 03:20 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سيدة الصين الأولى تلتقي زوجة رئيس الوزراء البريطاني

GMT 18:53 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

إيناس النجار تحتفل بخطبتها على رجل الأعمال محمد محفوظ

GMT 03:24 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الفطر القضيبي يطلق محتوى مثير يشبه الهرمونات بمجرد الشم

GMT 01:23 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

إذاعة "ميكس ميغابول" تتعرض للقرصنة من قبل "داعش"

GMT 02:21 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عبير عبد الوهاب تُعلن سبب انضمامها إلى الإعلام

GMT 00:45 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة التغذية تُعطي نصائح للوقاية من أمراض الشتاء مسبقًا
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya