منكم نتعلم

منكم نتعلم

المغرب اليوم -

منكم نتعلم

بقلم - بدر الدين الإدريسي

يستطيع مشهد ريال مدريد بما مر عليه هذا الموسم، وعلى الخصوص في الأسبوعين الأخيرين، أن يكون نمطا يدرس في كيفية إدارة الأندية ذات القواعد الجماهيرية العريضة وذات المرجعيات التاريخية الكبيرة، وأن يكون صورة لما يمكن أن تكون عليه الجرأة في صناعة القرارات المؤلمة والقوية في الأزمنة الحرجة والساخنة.
كان المنطلق صادما ومجسدا لحالة التنطع التي يمكن أن يصلها رجل القرار الأول، فتورث في النهاية قرارات خاطئة ستكون مصدر تعاسة للفريق وللجماهير، فقد أصم فلورنتينو بيريز أذنيه، وما استمع لحظة لصوت العقل الذي كان يقول بضرورة أن يتخلى عن عنتريته ويخول للأسطورة زين الدين زيدان الذي منحه الثلاثية الأوروبية التاريخية، حق مباشرة التحويرات التي يراها ضرورية لكي يكمل الريال المسير في طريقه الأنطولوجي، بملاحقة المزيد من الألقاب والتيجان.
ما فعله بيريز رئيس الريال، وفريقه بصدد الإحتفال بالنجمة الأوروبية 13 بعد نهائي بطولي أمام ليفربول، أنه تصلب في تقدير مطالب كريستيانو رونالدو، وكأني به يفتح أمامه باب الخروج، وهو الأمر الذي نفذه الدون بلا أدنى تردد، وقد كان يعرف أن في الناصية الأخرى للشارع يقف سادة جوفنتوس وبيدهم عقد خرافي ومهرا لا يصدق، لمن ظن البعض أنه شاخ ودنا من الأفول.
ليس هذا فقط، فمع توقيع بيريز لوثيقة المغادرة لمن كان في مواسمه السبعة بقميص الملكي يسجل 50 هدفا كل موسم، سيقرر زين الدين زيدان الرحيل وقد أيقن أن الرئيس لا يمكن أن يفتح أمامه الخزنة ليجلب للريال العناصر التي يمكنها بعث هواء جديد في رئة الفريق، بل إنه استسهل كثيرا خروج الدون، وهو الذي يملك الشفرة السحرية التي قادت الملكي لكل تتويجاته الخرافية، ولأنه ريال مدريد المؤسسة المحصنة ضد الهزات الخفيفة والعابرة، فإن بيريز سيسحق سريعا كل حملات الإستهجان والتشكيك، وسيمضي الريال باحثا مع لوبيتيغي، المدرب الذي سرقه من حلمه المونديالي، عن الذي ينسيه في الأسطورتين زيدان ورونالدو، إلا أن وقت الإستجمام مر بسرعة البرق، ليتكبد الريال هزيمة مهينة بالنيو كامب أمام الغريم برشلونة، ما وجد بيريز سبيلا لإطفاء لظاها، غير إقالة لوبيتيغي والإستنجاد بالأرجنتيني سولاري في محاولة لاستنساخ تجربة سابقة مع زيدان الذي كان تعيينه مدربا للريال بدلا من أنشيلوتي ضربا من ضروب العبقرية.
وبين شك ويقين في صواب وعقلانية الإختيار، وسعي حثيث للتغطية على التداعيات السيئة للإنفصال في وقت واحد عن الأسطورتين، سارع الريال الخطى محاولا الإلتصاق بكل الرهانات الموسمية، إلى أن جل الأسبوع الذي يوصف بأسبوع الجحيم، أسبوع سيمنى فيه ريال مدريد بثلاث هزائم حركت براكين الغضب النائمة وجعلت بيت الملكي عرضة لزلزال عنيف.
خسر الريال أولا برباعية نظيفة من الغريم برشلونة بالبرنابيو، ليودع غير مأسوف عليه مسابقة كأس الملك من دور النصف، ثم عاد فحصد هزيمة أخرى بعد ثلاثة أيام من ذات الغريم، فكان ذلك إيذانا بخروجه من السباق نحو لقب الليغا وقد اتسع الفارق بينه وبين البارصا إلى 12 نقطة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن ريال مدريد سيصعق بعد ثلاثة أيام أيضا من أطفال الأياكس برباعية ودائما بالبرنابيو، ليرمى بالريال لأول مرة منذ سنوات من الدور ثمن النهائي لعصبة الأبطال.
طبعا سيحترق بيت الريال بنار مستعرة، وسترتفع في كل مكان أصوات الغضب والشجب، وسيكتب البعض متشفيا عبارة «بيت الريال مغلق للهدم»، وألقى الجميع باللائمة على الرئيس فلورنتينو بيريز، داعيا إياه لتقديم استقالته، فلا أحد غيره متهم بارتكاب جنحة إذلال الريال وجماهيره، ولأنه الريال، البيت الذي إذا احترق وجد بالقرب منه خراطيم المياه لإطفاء اللهب، وإذا تداعت حيطانه بفعل الشرخ وجد تاريخا يسنده ويحفظه من الإنهيار، فإن الرئيس بيريز طلب الحكماء على عجل لاجتماع يفكك خيوط الأزمة في أسلوب تدبيري عال القيمة، ومن هذا الإجتماع سيخرج بيريز بالحل السحري، بالقرار الذي لم يكن أحد يتوقعه، القرار الذي سيعيد البسمة لشفاه كانت ترتجف خوفا وسينشر التفاؤل في سماء كانت ملبدة بغيوم الشك، قرار إعادة زين الدين زيدان لتدريب الريال مع وعد صريح بفتح الخزائن لاستقطاب من يراهم زيزو من النجوم، قادرين على صناعة الزمن الجديد للريال.
أبدا لم يركب بيريز رأسه كما هي عادته، فمع عودة زيدان يكون قد كفر عن ذنب ارتكبه، ويكون في ذات الوقت قد انحنى أمام صوت العقل والجماهير التي ما كانت تريد فراقا عن الأسطورة، لا حاجة لكي ننتظر ما سيأتي به زيدان للريال، ولكن الحاجة لأن نتعمق في قراءة المشهد بكل تفاصيله، فهو يعطينا صورة للعبقرية التي يجب أن يكون عليها كل من يأتي لإدارة فرق لأسمائها طنين في مسمع التاريخ، صورة عن القدرة على صناعة القرارات القوية في الأزمنة الصعبة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منكم نتعلم منكم نتعلم



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 05:17 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

نبات "الكافا" أفضل تكملة لتحسين الحالة النفسية

GMT 19:13 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جون سينا يرتدي ملابس نيكي بيلا ويقلدها بشكل غريب للغاية

GMT 00:44 2017 الخميس ,27 إبريل / نيسان

منة شلبي تتحدث عن دورها في مسلسل "واحة الغروب"

GMT 17:20 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكاف" يكشف موقفه من حركة عماد متعب المثيرة للجدل

GMT 02:37 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الأحمر لمسة جديدة تقتحم موضة ملابس الرجال لموسم شتاء 2016

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 10:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

عين الجمل وصفة سحرية للذكاء والجنس والحمية والسرطان

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 03:20 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سيدة الصين الأولى تلتقي زوجة رئيس الوزراء البريطاني

GMT 18:53 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

إيناس النجار تحتفل بخطبتها على رجل الأعمال محمد محفوظ

GMT 03:24 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الفطر القضيبي يطلق محتوى مثير يشبه الهرمونات بمجرد الشم

GMT 01:23 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

إذاعة "ميكس ميغابول" تتعرض للقرصنة من قبل "داعش"

GMT 02:21 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عبير عبد الوهاب تُعلن سبب انضمامها إلى الإعلام

GMT 00:45 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة التغذية تُعطي نصائح للوقاية من أمراض الشتاء مسبقًا
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya