التلعثم

التلعثم

المغرب اليوم -

التلعثم

بقلم : الدكتور وليد سرحان

يبدأ ألأطفال بالكلام منذ السنة الأولى، وتتبلور لغتهم سنة بعد أخرى حتى تكتمل في عمر الثلاث سنوات إلى حد كبير. إلا أن بعض الأطفال قد يتأخرون في الكلام دون وجود مشكله حتى سن الخامسة. ومن المشاكل التي تظهر في السنوات الأولى لعمر الطفل مشكلة التلعثم أو "التأتأة"، وهذه مشكلة تبدو واضحة بين سن الثلاث سنوات إلى خمس، حيث يلاحظ أن الطفل يكون منفعلاً أثناء كلامه مما يجعله يقطع في الكلمات أو يشد على بعض الحروف دون داعٍ، ويصبح نطقه غير سليم . والنسبة الكبرى من الأطفال قد تكون انتهت من هذه المشكلة في سن الخامسة عند الإلتحاق بالمدارس، أما النسبة الأقل فهي التي تستمر سنة بعد أخرى، فما هو التصرف السليم إتجاه هؤلاء الأطفال.

بداية، يفضَّل أن لا نعير الموضوع أي إهتمام أو نظهر إنفعالاً أو أكثراثاً بحيث يؤدي هذا إلى توتر الطفل، وقد يتكرر التلعثم عدة شهور وينتهي تلقائياً، ومن الخطأ الشائع أن يصيح الإباء على الطفل ويطلبوا منه أن يتكلم بشكل صحيح مما يزيد من توتره وخوفه وتلعثمه، وهذا يعني انتقادات أكثر وقد يضحك عليه أقرانه وإخوانه ويسخرون من أسلوبه ويقلدونه، مما يزرع في نفسه الخوف والرهبة من الحديث أمام الناس. وتجد أن الطفل قادر على الحديث كما شاء في غرفة مغلقة، ولكنه لا يستطيع أن يقول جملة واحدة أمام أهله أو أصدقائه .

ومع إستمرار الطفل في سنوات الدراسة قد يكون هناك تفهمٌ وإيجابية في التعامل من قبل مدرسيه بحيث يتخلص بعض الأطفال من تلعثمهم في السنوات الأولى للمدرسة. إلا أن هناك من يستمر في التلعثم حتى بعد إنهاء المدرسة والجامعة. وعادة ما يكون التلعثم شديداً أمام جمهور من الناس وخصوصاً إذا كانوا من الجنس الأخر ، أو إذا كان الإنسان متوتراً منفعلاً غاضباً مرهقاً. وهناك ظواهر قد تبدو غريبة إذ أن بإمكان بعض المتلعثمين إن يقرأوا القران الكريم أو يغنوا دون تلعثم ، ولكنهم إذا تكلموا في حديث عادي تقطع كلامهم. وشددوا على الحروف وظهر عليهم التلعثم. ويرافق التلعثم في كثير من الأحيان خوف وارتباك واحمرار في الوجه ورعشه في اليدين ، وقد يتجاوز المريض التلعثم ويصاب بالرهاب الاجتماعي وأعراضه الكثيرة، من مظاهر جسديه وخجل وفقدان التركيز وانخفاض المعنويات . كل هذا يقود المتلعثم إلى تجنب المواقف والسكوت والإبتعاد وتتسع الدائرة ويصبح تدريجياً الحرج والتلعثم يشمل كل المواقف حتى البسيطة والسهلة منها، ونجد في الكثير من الحالات أن العائلة والمدرسة تساعد على هذا الإتجاه . فإذا سألت الطفل عن إسمه أو عمره بادر والده في الإجابة عنه حتى لا يحرجه وإذا قام المدرس بالطلب من التلاميذ إن يقرأوا أو يتكلموا أعفى الطالب المتلعثم من هذه المهمة كبادرة إنسانية وتعاطف مع وضعه ، مع أن هذا كله خطأ لأننا نكرس هذا العيب ونبقيه ونؤكد على الخوف كلما أعفينا الطفل من أداء المهام التي تؤدي إلى إرتباكه .

لا شك بأن هذه الظاهرة والتي تسمى أيضاً "التأتأة" بحاجة للعناية بسن مبكرة وهناك الكثير من الأساليب العلاجية، كمعالجة النطق والمعالجة النفسية والسلوكية، ولكن لابد التأكيد على ما يمكن أن يقوم به المتلعثم بنفسه وذويه للتخلص من هذه المشكلة ، فالهروب و الإعفاء وعدم الإختلاط كلها سلوكيات سلبية يجب إلغاؤها. وتصبح الإحتكاكات بالناس ومواجهة المواقف هي المبدأ، كما أنه يمكن للمتلعثم أن يقوم بتسجيل كلامه أو قراءته على شريط "كاسيت" لمدة ربع ساعة ثم يستمع الى حديثه ليكتشف بعض العيوب المهمة في التلعثم ، مثل السرعة في الكلام وعدم أخذ النفس والتشديد على بعض الحروف والتي من الممكن تكرار سماعها عدة مرات. مما يجعل التلعثم يتحسن تدريجياً. كما أن البعض يستفيد من الحديث أمام المرآة كالإنتباه إلى أنه يشد على بعض الحروف أو يقطع نفسه. و أما المدرسة والجامعة والبيت والمجتمع يجب إن لا يجعل من التلعثم نقطة تهكم وسخريه وازدراء وان يكون التعامل مع المتلعثم أكثر تعاطفاً وإيجابياً وتقبلاً حتى نساعدهم على التخلص من هذه المشكلة.

ولاشك بأن هذه المشكلة إذا لم تُعامل بالأسلوب الصحيح قد تؤدي للقلق والتوتر والخوف واليأس وقد يصل الأمر أحياناً إلى التفكير بالإنتحار أو الأقدم عليه. وهناك الكثير ممن يعانوا من هذه المشكلة لا يعلموا أن لها علاج وأن بعض من يصلوا للعلاج يصلوا بعد سنوات طويلة لأنهم لا يعرفوا أين يعالجوا، فالعلاج قد يكون في بعض الحالات مشترك بين معالجة النطق والطب النفسي وفي حالات أخرى قد يكفي احدهما، ويستغرب الكثير من الناس عن علاقة التلعثم بالإضطرابات النفسية سواء كان منفرداً أو ترافق مع الرهاب الإجتماعي والخوف والتجنب والمضاعفات الأخرى، والمعالجة بالإضافة للإرشادات السلوكية تشمل على معالجات دوائية متخصصة تؤدي إلى الشفاء في معظم الحالات و في بعض الحالات الشديدة إن لم يكن هناك شفاءٌ كاملٌ، فقد يكون هناك تحسنٌ إلى درجةش كبيرة تسمح للمريض بمتابعة حياته والتكيف مع بقايا المشكلة إن وجدت .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التلعثم التلعثم



GMT 09:53 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

ملفات في الدماغ

GMT 21:22 2017 الخميس ,27 تموز / يوليو

الــحــــــب

GMT 09:00 2017 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

الثقافة النفسية

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 06:17 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

استمتعي بشعر قوي وصحي بهذه الطرق

GMT 06:30 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأربعاء

GMT 02:59 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

علي الحجار يُحيي أمسية غنائية في نقابة الصحافيين المصرية

GMT 21:25 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

جواد الياميق يعود إلى تدريبات الرجاء بعد 10 أيام

GMT 20:17 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

"اللف والدوران"

GMT 03:32 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

شيماء حسين تكشف عن مجموعة رائعة من أزياء الأطفال

GMT 12:15 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

استياء من تسليم الكتب الجنسية إلى أطفال ألمانيا

GMT 22:53 2016 الإثنين ,02 أيار / مايو

علاج البواسير بالاعشاب الطبية

GMT 10:41 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

صور لمقبرة "توت عنخ آمون" تعرض بالألوان للمرة الأولى

GMT 22:48 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مربي الأبقار في طرطوس يرغبون بالتحول إلى تربية الدواجن

GMT 23:34 2015 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

أفضل شواطئ خفيّة توفر الراحة والاسترخاء في أوروبا لعام 2016

GMT 00:58 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

فتحية بوروينة تحكي ظروف نشأة شبكة للنساء المهنيات في السينما
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya