وكالة أسفار إسرائيلية في المغرب

وكالة أسفار إسرائيلية في المغرب

المغرب اليوم -

وكالة أسفار إسرائيلية في المغرب

بقلم - توفيق بو عشرين

وجهوا إليهم دعوة عبر وسيط «إعلامي»، وتكفلوا بمصاريف بتذاكرهم وإقامتهم ومأكلهم وتنقلاتهم، ثم التقطوا لهم صورا جماعية، وبعثوا بالخبر والصورة للنشر والإذاعة والبث عبر كل وسائط نقل المعلومة.. ‘‘وفد صحافي مغربي يزور إسرائيل لمعرفة الحقيقة على الأرض’’.. هذا هو الظاهر، أما الرسالة الضمنية فهي أن ‘‘إسرائيل أصبحت مندمجة في محيطها العربي، ولم تعد معزولة، والدليل أن صحافيين مغاربة وعربا يزورونها عبر طائرات شركة «العال»، ويلتقطون صورا وراءها نجمة داود الزرقاء. لقد انتهى زمن الحرب، وانقضى زمن المقاطعة العربية لإسرائيل، وسقطت الحواجز النفسية، وانتقلنا من التطبيع مع الأنظمة الرسمية إلى التطبيع مع المجتمعات العربية، وها هم «رسل» الرأي العام يزورون إسرائيل، وينقلون ما يرونه إلى مواطنيهم. إننا دولة كباقي الدول، وإننا لسنا احتلالا، ولا بنادق، ولا حائطا عنصريا، ولا سلاحا نوويا، ولا مستوطنات، ولا يمينا إسرائيليا متطرفا يصادر حق أصحاب الأرض.. إننا حمل وديع وسط غابة من ذئاب حماس والحركات القومية والتحررية’’!
زيارة الوفد الصحافي، والتي استعملت بطريقة غير أخلاقية مادة للدعاية الإسرائيلية، جرت وتجري في عز الصدمة التي تلقاها الرأي العام المغربي والعربي والإسلامي بعد نقل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سفارة بلاده إلى القدس، في اعتراف ولا أوضح باحتلال المدينة المقدسة من قبل الدولة العبرية، ضد قرارات الأمم المتحدة، وضد حق المسلمين والمسيحيين في القدس.
اتصلنا بلحسن كعيبية، نائب المتحدث باسم الإعلام العربي بوزارة الخارجية الإسرائيلية، وسألناه عن مناسبة الزيارة التي أشرف عليها مع وسطاء من عندنا، لحمل صحافيين مغاربة إلى مطار بن غوريون، فقال: «الهدف هو رؤية إسرائيل على أرض الواقع. أنتم تكتبون عن إسرائيل دون أن تقفوا على الحقيقة، وتكتفون بما تشاهدونه عبر القنوات الفضائية، ونحن ندعوكم إلى أن تشاهدوا وتسألوا وتلتقوا أكاديميين وسياسيين ومؤسسات إعلامية».
النقابة الوطنية للصحافة «انتبهت إلى هذه الخدعة»، واعتبرت أن الحملة التي أطلقتها الحكومة الإسرائيلية لترويج أن 5 صحافيين مغاربة استجابوا لدعوة الكيان العبري ضمن وفد عربي، هي حملة تستهدف الجسم الصحافي المغربي، بغض النظر عن حقيقة انتماء جل الذين استجابوا لهذه الدعوة إلى مهنة الصحافة، وتحاول جره إلى التطبيع مع الاحتلال».
الصحافيون الذين شاركوا في هذه الزيارة جلهم «أغلق فمه»، ولم يمتلك الجرأة، لا هو ولا من توسط له للحديث بوجه مكشوف، للتطرق إلى سبب هذه الزيارة وفي هذا التوقيت، والصحافية الوحيدة التي امتلكت الجرأة لنشر صورها في إسرائيل (نورة الفواري)، قالت إنها صحافية، ومن حقها زيارة جميع الدول، وإنها إذا تلقت دعوة من السلطة الفلسطينية، ستزور أراضيها.
السؤال ليس من مع حق الصحافيين في التنقل ومن ضده؟ وليس من مع زيارة إسرائيل للقيام بعمله ومن ضدها؟ السؤال هو: هل إسرائيل دولة احتلال أم لا؟ وهل تخرق قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي أم لا؟ وهل القبول بدعوتها وعلى نفقتها وفي هذا الجو مبرر مهنيا وأخلاقيا أم لا؟ لو ذهب الوفد الصحافي إلى إسرائيل لتغطية محاكمة عهد التميمي لقلنا إن هذا عمل مهني، ولو زار الوفد إسرائيل للوقوف على مآسي الفلسطينيين ومعاناتهم أمام المعابر كل يوم، لقلنا إنه عمل مهني، أما قبول دعوة علاقات عامة من وزارة الخارجية الإسرائيلية لتلميع صورة دولة عنصرية على نفقتها، فهذا لا أجد له مبررا مهنيا ولا سياسيا ولا أخلاقيا.
الفلسطينيون اليوم ليس لديهم سلاح ولا اقتصاد ولا لوبي دولي للدفاع عنهم، بيدهم سلاح واحد هو «رفض التطبيع مع إسرائيل» من قبل الجيران العرب، لأنهم يعرفون أن عزل إسرائيل عن محيطها «سلاح» فعال يترك المحتل دائما في قفص الاتهام، ويترك جريمته حية طوال الوقت، واليوم نرى ونسمع كبار الاستراتيجيين الإسرائيليين يقولون إنه لا مستقبل لإسرائيل، على المدى البعيد، إذا لم يقبل بها العرب، فالدول لا تعيش بالسلاح والأسوار والحراسة الدائمة على الحدود والرفض المطلق لها في المجتمعات التي تحيط بها.
التطبيع مع إسرائيل في الوقت الذي ترفض فيه إيجاد حل عادل لحقوق الفلسطينيين، الذين يعيشون في سجن صغير في الضفة وغزة، وفي سجن كبير في دول الشتات.. التطبيع والحالة هذه جريمة «أخلاقية»، وهذا ليس موقفا قوميا أو دينيا.. هذا موقف إنساني. لاحظوا أن العديد من الجامعات الأوروبية ترفض التعامل مع نظيرتها الإسرائيلية بسبب الاحتلال، وإلى الآن تقاوم إسرائيل قرار حظر تسويق المنتجات الإسرائيلية الآتية من الأراضي المحتلة بعد 48 في أوروبا.
هل المغاربة لم تعد تربطهم صلة بفلسطين؟ انظروا إلى حجم التظاهرات التي تخرج لمساندة الفلسطينيين، ارجعوا إلى قائمة الشهداء الذين سقطوا في الحروب ضد إسرائيل في الجولان ولبنان وغيرها، اطلعوا على أدبيات اليسار واليمين في المغرب تجاه هذه القضية الأولى للعرب، تأملوا من يرأس لجنة القدس؟ وماذا يوجد في المقررات الرسمية للدراسة في المغرب. هذا بلد له ذاكرة وله تراث وله انتماء وله مرجعية، ولا يمكن المتاجرة بكل هذه المقومات طمعا في القرب من لوبيات الموساد الإسرائيلي، أو من أجل حفنة دولارات يقدمها تجار الشنطة ومتعهدو حفلات التطبيع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وكالة أسفار إسرائيلية في المغرب وكالة أسفار إسرائيلية في المغرب



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 21:12 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يفاوض الإسباني خوان كارلوس غاريدو

GMT 16:53 2015 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

زكرياء لحلو ينتهي من تصوير مسلسل "دار الضمانة"

GMT 06:51 2015 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

فضيحة رشوة في مستشفى السرطان في الرباط

GMT 13:08 2017 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

سويسرا الاختيار المميز من أجل شهر عسل رائع

GMT 22:17 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هزة أرضية تثير الرعب بين سكان مدينة الناظور

GMT 13:31 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تشكيلة خواتم مرصعة بالأحجار الكريمة من دار BELENCIAGA
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya