العثماني ولعبة «rodéo»

العثماني ولعبة «Rodéo»

المغرب اليوم -

العثماني ولعبة «rodéo»

بقلم - توفيق بو عشرين

خسر  عبد الإله بنكيران الولاية الثالثة في الحزب، ولم يربح العثماني ولاية كاملة بنتيجة مريحة، حيث صعد بنسبة غير مسبوقة إلى الأمانة العامة لحزب المصباح (51.8٪‏)، فيما كان التصويت لإدريس الأزمي، من جهة، تصويتا عقابيا ضد العثماني وتيار الوزراء، وتصويتا مجاملا لبنكيران لرد بعض الاعتبار إليه، وهو الزعيم  الذي خرج مجروحا بسيوف إخوانه الوزراء الذين طعنوه بطريقة قاسية.

الجزء المملوء من كأس المؤتمر الثامن لحزب العدالة والتنمية يقول إن الحزب نجا من الانقسام الحاد بين تيارين؛  واحد «إصلاحي» والآخر «براغماتي»، وإن المؤتمر عبر خط الانفجار على أبواب التمديد القانوني لبنكيران، وإن الديمقراطية الداخلية اشتغلت بطريقة جيدة وسلسة، سمحت لصناديق الاقتراع بحسم أخطر خلاف وقع في تاريخ حزب المصباح حول هويته الإصلاحية،  ومشروعه السياسي، وأخلاقيات نخبه الحزبية. 

الحزب الذي تعرض لهزة عميقة لم ينجه من السقوط سوى ثقافة «وحدة الصف»، والخوف من  أن يلاقي الحزب الإسلامي مصير أحزاب الحركة الوطنية، التي انقسمت وتشظت وتنازعت وذهب ريحها، بالإضافة إلى تعالي بنكيران على جراحه، وإغلاق باب الفصل 16 قبل افتتاح المؤتمر… كلها عوامل أسهمت في عبور الحزب من  تحت جسر الأزمة بأقل الأضرار، معطيا درسا تنظيميا لباقي الأحزاب، أما الدرس السياسي فهذا أمر آخر.

أما الجزء الفارغ من كأس المؤتمر الثامن فيقول إن الطبيب النفسي لم يستوعب رسائل المؤتمر، ولم يقرأ جيدا الأرقام التي لا تكذب في العادة، فبمجرد أن صعد إلى الأمانة العامة لحزبه حتى وضع لائحة للأمانة العامة عنوانها الأبرز وهو «تصفية خصومه»، واقتلاع جذور بنكيران من الجهاز التنفيذي، حيث عمد إلى ملء الأمانة العامة بأسماء الوزراء الموالين له، وذلك لسد الطريق على أسماء أخرى، مع علمه بأن الوزراء أعضاء بالصفة، وأن «الحكمة»  تقتضي منه اختيار أمانة عامة قوية تشد عضده الضعيف، خاصة أنه صعد إلى الأمانة العامة بفارق 1٪‏ عن منافس وافد على قيادة الحزب، ولم يكن من جيل المؤسسين، ولا من أعضاء الصف الأول، فمثلا، كيف لا يختار العثماني عبد العزيز أفتاتي للأمانة العامة، وهو الذي حصل على أعلى نسبة من الأصوات في المجلس الوطني؟ وكيف لا يختار أشهر اسم نسائي في الحزب (أمينة ماء العينين)؟ وكيف لم يلتفت إلى أصوات شابة أخرى لها حضور وازن في الحزب وفي البرلمان وفي مؤسسات التمثيل الجماعي، واتجه إلى اختيار أسماء مغمورة للشباب، أو أسماء مستهلكة للوزراء، مثل نزهة الوافي، التي رفضها المجلس الوطني لأنها أصبحت رمزا لما لا يريده مناضلو الحزب في صفوفهم.

لم يكد صدى عبارة العثماني، التي قال فيها: «أنا أمين عام لكل أعضاء الحزب، من صوت لي ومن صوت للأزمي»، ينقضي، حتى أثبت العثماني أنه أمين عام لجزء من الحزب وليس لكل الحزب، وأنه غير مستعد للاشتغال مع من يخالفه في الرأي، وأنه يريد أمانة عامة على المقاس، حتى لا ترهقه في رحلة إدارة واحدة من أضعف حكومات المغرب، وجعل الحزب حطبا يابسا في «مجمر» بارد لحكومة خرجت من ثلاجة «التحكم» الذي خسر في الانتخابات وفاز في المفاوضات.

الآن الكرة في ملعب الدكتور ورفاقه، أما حلفاؤه في أحزاب الائتلاف الحكومي، فقد سبقوه إلى الاحتفاء وفتح قنينات الشمبانيا  بعدما بلغهم خبر «نزول بنكيران من السفينة»، وتسلم الطبيب مفاتيح حزب أصابته الدوخة، وخرج مهزوما من أكبر انتصار حققه في كل تاريخه.

المعركة لم تنتهِ أول أمس الأحد في قاعة مولاي عبد الله بالرباط، فالمؤتمر أسمع صوته لمن يريد سماع الحقيقة، وهي أن نصف الحزب مع العثماني ونصفه الآخر مع بنكيران، لكن العثماني في اختبار دائم، لأنه يقود الحزب والحكومة في ظروف صعبة ومعقدة للغاية، فيما بنكيران جالس في داره، وتحت مخدته مدفعية كبيرة مستعدة لإطلاق النار في كل ساعة، والمشكلة أن  أطرافا في الدولة ممن  دفعوا العثماني إلى هذا الخيار، هم أول من يضعفه أمام إخوانه والرأي العام، عن طريق سلب اختصاصاته، وفرض قراراتهم عليه، لذلك، فإن الدكتور صعد إلى ظهر الثور، وسيكتشف عما قريب أنه وسط لعبة «الروديو» Rodéo الأمريكية، حيث يجري الثور ويقفز في كل الاتجاهات بهدف واحد هو إسقاط من يركبه، فيصبح  الرهان، كل الرهان، هو كم  من الوقت سيبقى الفارس فوق ظهر الثور وليس شيئا آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العثماني ولعبة «rodéo» العثماني ولعبة «rodéo»



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 13:36 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"Weta" العملاقة أكبر حشرة على سطح الكرة الأرضية

GMT 23:23 2015 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

صهر اردوغان يترشح للانتخابات التشريعية في تركيا

GMT 06:52 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

زيزي عادل تحتفل بعيد ميلادها بشعرها القصير

GMT 22:25 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

"القرموطي في أرض النار" يثير أزمة كبيرة قبل طرحه

GMT 04:52 2016 الثلاثاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

عبير الأنصاري تؤكد أن فستان صبا مبارك الأفضل

GMT 09:07 2020 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

تشيلسي يتأهل لدور الستة عشر في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 15:31 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 00:06 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

شكل فستان الزفاف الذي يليق بكِ بحسب برجكِ

GMT 16:28 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

مدرب مانشستر يُعلن تعافي بنجامين ميندي من إصابته
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya