الثعبان الذي رباه الرئيس قتله…

الثعبان الذي رباه الرئيس قتله…

المغرب اليوم -

الثعبان الذي رباه الرئيس قتله…

بقلم - توفيق بو عشرين

منذ مدة طويلة فقد اليمن وصفه التاريخي بكونه موطن السعادة. اليوم لا شيء يشجع اليمنيين على الحلم بالعيش في سعادة في بلاد ممزقة قبليا وطائفيا وسياسيا، وفوق هذا تحولت إلى مسرح لحروب بالوكالة بين الرياض وطهران.

قتل يوم أمس علي عبد الله صالح في صنعاء، بعد ثلاثة أيام من انقلابه على الحوثيين، والعودة إلى التحالف مع السعودية، التي أجبرته على ترك السلطة قبل أربع سنوات، والقبول بالتعايش مع وجه جديد اسمه عبد ربه منصور هادي، مخافة أن يسقط الحكم اليمني في يد الشارع الذي انتفض ضد حكم صالح مطالبا بالكرامة والعدالة الاجتماعية وحكم المؤسسات. ظل الحوثي يتحين الفرصة للانتقام من النظام اليمني الذي قتل زعيمهم، بدر الدين الحوثي، وهذا ما جرى يوم أمس، حيث هجمت مليشيات عبد المالك الحوثي على الحليف السابق، وأطلقت النار على رأسه، وبعثت الفيديو إلى وسائل الإعلام العالمية، تعرض عليها إنجازات عرب القرن الـ21.

مرة سئل الرئيس اليمني، الذي أصبح يلقب بالمخلوع وبالمحروق والآن بالمقتول، عن تعريفه لحكم اليمن، فقال جملة بسيطة لكنها معبرة.. قال: «حكم اليمن يشبه المشي طوال اليوم فوق رؤوس الثعابين». اليوم واحد من هذه الثعابين انقض على رأس علي عبد الله صالح، فأنهى رحلته الطويلة في حكم اليمن، والتي تمتد إلى أربعة عقود، فعل فيها كل ما خطر له على البال للبقاء في السلطة. استعمل الدين والمذهب والسلاح والمال والقبيلة والحزب والتحالفات الخارجية والمؤامرات والغدر والشعبوية والحرب… كل هذا ليبقى هو وعائلته وقبيلته يحكمون في بلاد عدد قطع السلاح فيها أكثر من عدد السكان.

قبل أربع سنوات، نزل المغربي جمال بنعمر بأرض اليمن قادما من مكتبه في بناية الأمم المتحدة في نيويورك، مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة في مهمة خاصة لتليين مفاصل اليمن حتى يقف على رجليه، فدعا إلى مؤتمر وطني شارك فيه الجميع، المؤتمر الحاكم، والحوثي المعارض، والإصلاح الإخواني، وممثلو حراك الشباب، والمجتمع المدني، وكل من له رأي أو مطلب أو اعتراض، وخرج الاجتماع بخريطة طريق نحو المستقبل، قوامها الاحتكام إلى السياسة لا إلى السلاح، إلى التوافق لا إلى الغلبة، إلى مؤسسات الحكم الحديثة لا إلى القبيلة أو الطائفة أو القوى الخارجية… والبداية بإلقاء السلاح، والذهاب إلى مسودة دستور جديد، فانتخابات، فبرلمان، فحكومة، فتقطيع جديد للجهات ينصف المغبون، ويعطي صعدة المنكوبة منفذا على البحر وفرصة للعيش، لكن الحوار لم ينجح، ومخرجات المؤتمر الوطني اليمني طارت مع الريح، لأن السعودية والإمارات وصالح لم تعجبهم الوصفة، وكيف للأمم المتحدة أن ترسي نظام حكم حديث في شرق أوسط قديم، فتزرع «مرضا معديا» اسمه الحكم الديمقراطي على حدود آبار النفط وسلالات تحكم منذ قرن دون مؤسسات… فشلت العملية السياسية، فانتقلت المبادرة إلى السلاح. انقلب صالح على السعودية، واتجه إلى التحالف مع الحوثي، وفتح المجال لإيران للدخول على خط الفتنة اليمنية، ثم جاءت الحرب التي تأكل اليوم الأخضر واليابس في اليمن.

حسب الأمم المتحدة، فإن حوالي ثلاثة أرباع سكان اليمن، البالغ تعدادهم 28 مليون نسمة، تحتاج عاجلا إلى مساعدات إنسانية. فقد تسببت الأزبال المتراكمة، ونظام الصرف الصحي المعطل، والمياه الملوثة في أسوأ تفشٍّ لوباء الكوليرا في التاريخ الحديث، كما أن البلاد توجد على حافة الفقر. الاقتصاد انهار تاركا الناس أمام خيارات مستحيلة.

40% من سكان اليمن زيديون، لكن الحوثيين، الذين يدورون في فلك إيران، لا يمثلون إلا نسبة قليلة من هؤلاء، كما أن السلفيين الذين يدورون في فلك السعودية لا يمثلون كل سنة اليمن.

 الحوثيون أضعف من أن يحكموا اليمن وحدهم، وأقوى من أن ينهزموا أمام تحالف محمد بن سلمان… لذلك، فإن صالح، حيا أو ميتا، لن يساعد بلاده على الخروج من الحرب ودخول زمن السلم.

منذ انطلق الربيع العربي قتل رئيسان عربيان (القذافي وصالح)، وسقط حاكمان عربيان، وحوكما أمام القضاء (مبارك وبنعلي)، وخرب بيت حاكمين عربيين قادا بلاديهما إلى الحرب الأهلية (بشار الأسد ونوري المالكي)، فيما الحكام العرب الآخرون يديرون الأزمات في بلادهم ولا يحلونها، يربحون الوقت ولا يكسبون نقطا في سبورة التنمية والتقدم والديمقراطية والحكم الجيد.

كانت شعوب المنطقة، لعقود، تخاف حكامها، اليوم صار الحكام يخافون شعوبهم، ويخافون على حكمهم، وإلى الآن لم يعثروا على طريق للصلح، وربما لن يعثروا عليه أبدا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثعبان الذي رباه الرئيس قتله… الثعبان الذي رباه الرئيس قتله…



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 14:18 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 00:57 2019 السبت ,02 آذار/ مارس

أبراج ستتغيّر حياتها نحو الأفضل في 2019

GMT 10:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور المطابخ العصرية في عام 2019

GMT 15:04 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

زوجة تُنهي حياة زوجها بوساطة "بندقية صيد" ضواحي مريرت

GMT 08:45 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الأرجنتين تدرس طلب اتهام محمد بن سلمان بجرائم حرب في اليمن

GMT 15:20 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد المجرد يُثير جدلًا على مواقع التواصل إثر أنباء براءته

GMT 02:15 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يتصل هاتفيًا بالطفلة مريم

GMT 06:05 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي اطلالة خريفية مميزة مع مكياج عيون "سموكي بني"

GMT 17:15 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تقرير تلفزيوني يتسبب في قتل واغتصاب إعلامية بلغارية

GMT 15:43 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

فندق "فيرمونت عمّان" الرفاهية في وسط العاصمة
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya