تعويم السياسة

تعويم السياسة

المغرب اليوم -

تعويم السياسة

بقلم - توفيق بو عشرين

“تعويم الدرهم في هذا الجو البارد خطر على صحته”، هكذا يعلق الساخرون في الفايسبوك، وهذا أمر ليس مخطئا كليا، بالنظر إلى أحوال الاقتصاد المغربي، وضعف مناعته في الظروف الحالية، لكن، ماذا لو عومنا السياسة مع تعويم الدرهم؟ كيف ذلك؟
جوهر قرار تعويم الدرهم هو ترك العملة المغربية تواجه مصيرها في السوق المالي دون تدخلات من قبل بنك المغرب، وجوهر تعويم السياسة هو ترك الأحزاب، كل الأحزاب، تواجه مصيرها في سوق الانتخابات، دون دعم ولا إسناد ولا رعاية. كل حزب يضرب على عرامو، والدولة عليها أن تقف على مسافة واحدة من الجميع، وألا تتدخل في اختيار الناس، وذلك للانسجام مع قانون العرض والطلب الموجود في الأنظمة الديمقراطية الحديثة.
من أهداف سياسة تعويم الدرهم، الخروج من نظام الصرف الثابت إلى نظام صرف متغير حسب المعطيات الاقتصادية والمالية، ومن أهداف تعويم السياسة اعتماد نظام سياسي مفتوح يواكب التغيير، ويساير موجة التحولات في الواقع، بلا «كوابح» تجعل النظام الانتخابي مبلقنا، والحكومات ائتلافية، ولعبة «توازن القوى» هي السائدة في علاقة الدولة بالأحزاب. وتماما كما يفعل بنك المغرب مع الدرهم لضبط صرفه، تعمل وزارة الداخلية على ضبط المجال السياسي ومنع المفاجآت، وإذا وقع «مكروه» لا قدر الله، وفاز حزب لم تكن تريده الدولة أن يفوز، يتدخل «البلوكاج»، ويعيد تثبيت نظام الصرف السياسي، فيجد الحزب الأول نفسه وقد صار حزبا ثانيا أو ثالثا، ويجد الحزب الرابع حاله وقد أصبح في الصدارة.
من أهداف تعويم الدرهم الانسجام مع المعايير الدولية للصرف، خاصة مدونة السلوك المالي التي يفرضها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومن أهداف تعويم السياسة جعل هذه الأخيرة منسجمة مع المعايير الدولية، التي تفرض جملة من القواعد لإقامة أنظمة ديمقراطية «معومة» تسبح مع تيار الفصل بين السلط، والخضوع لإرادة الأمة، واستقلالية القضاء، وحرية الإعلام، واحترام حقوق الإنسان، والإعلاء من مبدأي الحرية والمساواة.
هل رايتهم أن تعويم الدرهم الأبيض أسهل من تعويم السياسة السوداء في بلادنا.. سياسة تمشي منذ الاستقلال على إيقاعات متناقضة عناوينها الرئيسة:
– دستور مكتوب للواجهة وآخر غير مكتوب للتطبيق، «وكل نهار ورزقو».
– «الزوينة نتاع الدولة والخايبة نتاع الحكومة»، وعاش شعار ربط المسؤولية بالمحاسبة.
– الحكومة لا تحكم والانتخابات موجودة للاستئناس، «واللي ما عجبناهش يشرب البحر».
– كل شيء يتغير من أجل ألا يتغير أي شيء (مقولة استعمارية لكنها حقيقية للأسف الشديد).
– الدولة تخاف المواطن، والمواطن لا يثق في الدولة، وسوء الفهم الكبير هو الثابت في العلاقة بينهما، والمغربي مازال يقول: «لا ثقة في المخزن والبحر والزمان».
– الدولة تحرس محافظة المجتمع، وترتقي بهذه المحافظة لأن تصبح إيديولوجيا للجمود والرجعية والخرافة، حتى تصير هذه الإيديولوجيا حجرا ثقيلا في رجل المجتمع، يمنعه من النهوض والحركة ومواكبة العصر، ونصبح أمام دولة المحافظة عوض أن نكون أمام دولة الرفاهية أو التجديد أو القانون.
الجميع يتحدث اليوم عن الحاجة إلى نموذج جديد في الاقتصاد المغربي، الذي لا يخلق سوى الفوارق الطبقية والبطالة والهشاشة والإقصاء، لكن الحاجة إلى نموذج سياسي أولى في هذه المرحلة، لأن النموذج السياسي الحالي لا ينتج إلا حزبا واحدا هو حزب «بني وي وي»، وهو أخطر حزب على المغرب والمغاربة، لأنه يقتل التعددية وحرية المبادرة والتجديد والابتكار والفكر النقدي، ويصير الجميع موظفين في مجموعة موسيقية تعزف لحنا واحدا على قانون الدولة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعويم السياسة تعويم السياسة



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 21:12 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يفاوض الإسباني خوان كارلوس غاريدو

GMT 16:53 2015 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

زكرياء لحلو ينتهي من تصوير مسلسل "دار الضمانة"

GMT 06:51 2015 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

فضيحة رشوة في مستشفى السرطان في الرباط

GMT 13:08 2017 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

سويسرا الاختيار المميز من أجل شهر عسل رائع

GMT 22:17 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هزة أرضية تثير الرعب بين سكان مدينة الناظور

GMT 13:31 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تشكيلة خواتم مرصعة بالأحجار الكريمة من دار BELENCIAGA
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya