لا ثقة بحكومة حسّان دياب

لا ثقة بحكومة حسّان دياب

المغرب اليوم -

لا ثقة بحكومة حسّان دياب

خيرالله خيرالله
بقلم: خيرالله خيرالله

لبنان في “مأزق”، لكن حكومة حسّان دياب لن تنتشله منه، لا لشيء سوى لأنه ليس أمامها سوى الحلّ الأمني تلجأ إليه.

هناك ثقة مفقودة بين الشعب اللبناني وحكومة حسّان دياب. لا يعود ذلك إلى كون البيان الوزاري لا يعني المواطن من قريب أو بعيد فحسب، بل لأنّ “حكومة حزب الله” في “عهد حزب الله” تستورد أيضا حلولا، جرّبت في إيران ويجري تجريبها في العراق، من أجل إسكات الناس. لا يمكن إسكات الناس بواسطة كلام معسول لا ترجمة له على أرض الواقع ترافقه تهديدات مبطنة باللجوء إلى تدابير أمنية لمنع أيّ تحرّك شعبي في بلد لا تقدّم فيه الحكومة أيّ جواب مقنع عن أيّ سؤال منطقي.

المعنيّ بالأسئلة المنطقية لماذا لا تريد الحكومة حلّ مشكلة الكهرباء عن طريق اللجوء إلى شركات معترف بها عالميا ذات خبرة طويلة في هذا الشأن؟

ليس سرّا أن مشكلة الكهرباء التي يتولّى معالجتها “التيّار الوطني الحر”، أي حزب رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل تتفاقم منذ أحد عشر عاما. أي منذ صارت وزارة الطاقة في عهدة العونيين. كيف يمكن لطرف لا يهمّه سوى بقاء البواخر التركية في البحر قبالة الشاطئ اللبناني أن يجد حلولا لمشكلة الكهرباء التي تتسبب بعجز كبير في الموازنة وتزيد قيمة الدين العام بشكل سنوي؟ لا يمكن إيجاد حلّ لمشكلة مثل الكهرباء لدى استبعاد شركة مثل “سيمنس” سبق أن عرضت خدماتها على اللبنانيين. هذه الشركة الألمانية أثبتت أنّها قادرة على إيجاد مخرج. من لديه أدنى شكّ في قدراتها وخبراتها يمكن إحالته إلى التجربة المصرية حيث نجحت “سيمنس” في جعل بلد من مئة مليون نسمة ينسى، خلال فترة قصيرة، مشكلة اسمها الكهرباء.

ثمّة فارق بين حكومة تمتلك فريق عمل متجانس تضمّ بالفعل اختصاصيين يستطيعون التعاطي مع مشاكل معيّنة وحكومة موظفين عند سياسيين. ولكن ما العمل في بلد صار فيه شخص مثل النائب إبراهيم كنعان (عوني) يتحدّث في السياسة والاقتصاد رافعا صوته في وجه نائب سابق محترم وفاضل ومهذّب مثل روبير فاضل يتكلّم لغة الأرقام والمنطق؟ ألا يدعو مشهد من هذا النوع إلى الترحّم على ما بقي من قيم مرتبطة بالسلوك الحضاري بحدّه الأدنى في لبنان؟

حسنا، لنضع مشكلة الكهرباء جانبا. ما الذي لدى الحكومة تقوله للمودعين الذين حجزت المصارف اللبنانية أموالهم؟ كيف لهذه الحكومة أن تتحدّث عن حلول في أيّ مجال كان إذا لم يكن لديها جواب مقنع عن وضع أموال اللبنانيين. هناك ما يزيد على نصف مليون حساب في المصارف اللبنانية. بكلام أوضح، إن كلّ لبناني تقريبا، من أيّ طائفة أو مذهب معنيّ بأزمة السيولة النقدية. فوق ذلك كلّه، ما الذي يعنيه توقف التحويلات إلى خارج لبنان؟ كيف للشركات اللبنانية متابعة نشاطها؟ عندما تسرّب الحكومة الجديدة أنّها ستحافظ على مصالح ذوي الدخل المحدود، فإن ذلك يعني أنّها ستمسّ بأبناء الطبقة الميسورة وبأموالهم. هل من يمتلك جرأة القول لحسّان دياب، الذي يعتبر نفسه أحد جهابذة العلم والمعرفة، أنّ إفقار الأغنياء لا يفيد الفقراء وأن نظريات “حزب الله” وما شابهه التي تركّز على المسّ بالمصارف هي الطريق الأقرب إلى الكارثة وإلى تكريس حال الانهيار التي وصل إليها لبنان؟

هناك أسئلة منطقية كثيرة لا أجوبة لدى الحكومة عنها. أسئلة من نوع من يقوم بالإصلاحات المطلوبة من أجل تنفيذ الشروط التي فرضها مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في نيسان – أبريل 2018؟

رصد “سيدر”، الذي يعني إصلاحات معيّنة وشفافية مطلقة وشراكة بين القطاعين العام والخاص، نحو أحد عشر مليار دولار للبنان لتنفيذ مشاريع محدّدة. لن يستفيد لبنان من هذا المبلغ بعدما وضع “حزب الله” وأدواته المسيحية وغير المسيحية كلّ العراقيل الممكنة أمام حكومة سعد الحريري كي لا تكون هناك أيّ إصلاحات في أيّ حقل من الحقول أو مكان من الأمكنة كالمطار أو المرفأ، على سبيل المثال وليس الحصر.

الأهمّ من ذلك كلّه، أن حكومة حسّان دياب والذين شكّلوها لا يدركون أن مشكلة لبنان سياسية أوّلا وأن ليس في هذه الحكومة من هو قادر على التحدث إلى العرب أو الأوروبيين أو الأميركيين. يعود ذلك إلى غياب أيّ عضو في الحكومة يمتلك حدّا أدنى من العلاقات الجيدة مع أطراف خارجية تؤثّر إيجابا على الوضع اللبناني. إضافة إلى ذلك، ليس في الحكومة من يستطيع الاعتراف بأنّ لغة البيان الوزاري هي لغة خشبية عفا عليها الزمن في وقت هناك عاملان لا يمكن تجاهلهما.

العامل الأوّل أن إدارة دونالد ترامب في حال حرب مع إيران. سلاحها في هذه الحرب، التي تستهدف أيضا أدوات إيران وأذرعها مثل “حزب الله”، هو العقوبات. أنهكت هذه العقوبات “الجمهورية الإسلامية” التي يتبيّن كلّ يوم أنّها ليست سوى نمر من ورق يمتلك دهاء سمح له بالتذاكي على الإدارات الأميركية المتلاحقة منذ العام 1979. هناك حاليا إدارة مختلفة تعرف تماما ما هي إيران وتعرف في الوقت ذاته ما هو “حزب الله”. فوق ذلك، إن هذه الإدارة لم تعد مهتمّة بمراعاة لبنان وأخذ الحساسيات الداخلية اللبنانية في عين الاعتبار. حصل ذلك بعدما زال الخطّ، الوهمي أو غير الوهمي، الذي كان يفصل بين “حزب الله” ومؤسسات الدولة اللبنانية في مقدّمها رئاسة الجمهورية والحكومة.

العامل الثاني هو العامل العربي. لا يستطيع لبنان طلب أيّ مساعدة عربية ما دام أهل الخليج على قناعة تامة بأنّه قاعدة لـ”حزب الله”. ليس لدى الحكومة الحالية ما تقنع به أيّ دولة خليجية تمتلك إمكانات مالية بأنّ لبنان ليس في المحور الإيراني. يكفي سماع خطاب ما لحسن نصرالله الأمين العام لـ”حزب الله” من أجل التأكد من ذلك، خصوصا عندما يضع نصب عينيه مهاجمة دولة مثل المملكة العربية السعودية لم تقدّم سوى الخير للبنان.

وارد أن تنال الحكومة ثقة مجلس النوّاب. لكنها لن تنال ثقة اللبنانيين الذين يعرفون أن بلدهم في حاجة إلى حكومة من نوع آخر ومن مستوى مختلف وإلى أجوبة عن أسئلة منطقية يطرحها المواطن كلّ يوم.

نعم، لبنان في “مأزق”، لكن حكومة حسّان دياب لن تنتشله منه، لا لشيء سوى لأنه ليس أمامها سوى الحلّ الأمني تلجأ إليه، وهو حلّ مستورد من إيران من النوع الذي تلجأ إليه ميليشيا مقتدى الصدر في العراق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا ثقة بحكومة حسّان دياب لا ثقة بحكومة حسّان دياب



GMT 15:17 2020 الأربعاء ,12 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ١

GMT 15:15 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أخبار اسرائيل سيئة مثلها

GMT 18:43 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

ديكارت ومحافظ البصرة

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 03:04 2016 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

علوان يعلن إجراء أول عملية زرع خلايا جذعية في العراق

GMT 08:01 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

Marc Jacobs Mod Noir يمثل أفضل العطور للمرأة

GMT 20:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة تهيئة مرافق نادي التنس في وجدة

GMT 19:10 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

المطربة هدى عمار تُعلن سر اشتراكها في "أبو العروسة"

GMT 17:26 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مارين سيليتش يبلغ ربع نهائي بطولة أستراليا المفتوحة

GMT 04:01 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العثور على نمط فريد من النشاط العصبي في العباقرة

GMT 18:15 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

رنا الأبيض ترد على منتقديها وتهاجم تهليلهم لأنجيلينا جولي

GMT 06:04 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

اليزابيث هيرلي تحل ضيفة على مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 03:39 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

سالي عبد السلام تنفي نيتها الاتجاه إلى التمثيل

GMT 02:41 2015 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد سهيل ينتقد أداء المنتخب المغربي تحت قيادة بادو الزاكي

GMT 11:51 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الأسبوع الذهبي في الصين يشهد ارتفاع عائدات السياحة

GMT 07:06 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المدن الصحراوية الرائعة ومراسم يوم عاشوراء

GMT 06:56 2014 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ابتكرت مجموعة للصيْف ذات طابع بدوي
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya