سوريا لا تحكم إلا من دمشق

سوريا.. لا تحكم إلا من دمشق

المغرب اليوم -

سوريا لا تحكم إلا من دمشق

مصطفى فحص

تستعجل طهران خطواتها العملاتية والسياسية من أجل حماية العاصمة السورية دمشق من السقوط بيد المعارضة السورية المسلحة.

فقد انتاب طهران القلق إزاء حالة الوهن والضعف التي تصيب من تبقى من قوات الأسد، وخسائرها المتتالية على كافة الجبهات السورية، يضاف إليها الاستنزاف المستمر لقوة حزب الله وتضاؤل إمكانياته في الحفاظ على المساحات المطلوبة لحماية النظام، ومساعدته على البقاء صامدا أطول فترة ممكنة، مما دفع طهران إلى الإعلان رسميا عن البدء بإرسال 20 ألف متطوع، للدفاع عن دمشق ومناطق سورية أخرى، القلق الإيراني المتزايد لا يمكن فصله أيضا عن قرار موسكو الأخير إجلاء مائة من رعاياها في سوريا، متزامنا مع تقارير غربية تحكي عن سقوط مفاجئ للنظام في دمشق.

ميدانيا أعلن حزب الله منذ أسابيع انطلاق معركة مفتوحة في جرود القلمون السورية المحاذية لسلسلة جبال لبنان الشرقية، وفي الوقت نفسه باشرت الدفعة الأولى من المتطوعين الإيرانيين والعراقيين والأفغان والباكستانيين بالوصول إلى العاصمة السورية لدعم قوات الأسد، تحسبا لأن يضطر رجال الأسد المتبقون، خصوصا أولئك المتحدرين من الساحل إلى ترك العاصمة باتجاه الساحل للدفاع عن أهلهم ومناطقهم، وخشية من أن يتولد نتيجة ذلك فراغ عسكري غير محمود، انطلاقا من هذه المعطيات وجد حزب الله نفسه أمام مسؤولية ملء الفراغ في مناطق صعبة جغرافيا ومكلفة عدديا ولكنها مهمة استراتيجيا مثل القلمون.

سياسيا يبدو أن الأسد لم يعد بالنسبة لطهران إلا رمزا شكليا لنظام أكملت انتدابها عليه، رغم التصريح الذي أدلى به الرئيس حسن روحاني «أن بلاده ستقف مع الأسد حتى النهاية»، فهي استبدلت أولوياتها بالدفاع عن الجغرافيا السياسية عوض حماية الجغرافيا البشرية التي يشكلها هذا النظام، فحماية العاصمة السياسية لها الأولوية على حماية المناطق العلوية، وطهران تدرك أن انكفاء الأسد إلى مناطق الساحل يحوله من رئيس دولة إلى أمير حرب يسيطر على مناطق لا تمثل ثقلا في الجغرافيا السياسية لسوريا، فخروج الأسد من دمشق يعني خروج إيران من المعادلة السياسية في المنطقة، فسوريا لا تحكم إلا من دمشق، لذلك تلغي طهران من حساباتها نهائيا أي احتمال للتخلي عنها مهما كلفها الأمر.

وبات من المسلم أن خسارة طهران لدمشق ستنعكس مباشرة على الاستقرار الداخلي للنظام السياسي الإيراني، كونه خط الدفاع الأول عن نفوذها في بيروت وبغداد، فبعد وصول الشيعية السياسية إلى الحكم في العراق سنة 2003 أصبحت دمشق النظام شرطا لاستقرار العراق الأمني والسياسي. كما أن ارتباط بيروت العضوي بها، يجبر أي قوة سياسية مهما علا شأنها في لبنان أن تخطب ودها، فهي المقيم الدائم على طريق الحرب والسلم من قناة السويس حتى مضيق البوسفور.

عندما تتحد الجماعات البشرية وتنتظم، وتميل إلى ممارسة السلطة والنفوذ على شكل دولة، تبني لنفسها حواضر تربطها بها، لكن تصر على ربط تأسيسها بمدينة مركزية تتخذها كعاصمة تنجز فيها هويتها السياسية والعقائدية، وتكاد دمشق المدينة الوحيدة في العالم التي تشكلت فيها ومن حولها دولة أو سلطة ارتبطت بها، ففي القرون الماضية استمدت المدن السورية الأخرى وحواضر بلاد الشام مكانتها من قدر ارتباطها بها، ومن الصعب إيجاد بدائل عنها، فلم تعش أزمة أنقرة وعدم قدرتها على تجاوز إسطنبول، أو أزمة موسكو السوفياتية في إضعاف موقع سان بطرسبرغ في الذاكرة الروسية القصيرة، ولم تعش عقدة طهران المستمرة بأن مدنا مثل أصفهان أو شيراز تشكل بدائل جاهزة لها.

دمشق أقدم مدينة معمورة بالتاريخ، عاصمة الدولة العربية الأولى بعد الإسلام ودرة التاج العثماني، كانت هدفا لأغلب الغزاة من الصليبيين إلى غورو، مرورا بتيمورلينك وسليم الأول، وبفتحها عبَّد صلاح الدين طريقه نحو تحرير بيت المقدس، أصبحت اليوم المحور الجغرافي لنهاية تاريخ وبداية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا لا تحكم إلا من دمشق سوريا لا تحكم إلا من دمشق



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 14:18 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 00:57 2019 السبت ,02 آذار/ مارس

أبراج ستتغيّر حياتها نحو الأفضل في 2019

GMT 10:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور المطابخ العصرية في عام 2019

GMT 15:04 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

زوجة تُنهي حياة زوجها بوساطة "بندقية صيد" ضواحي مريرت

GMT 08:45 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الأرجنتين تدرس طلب اتهام محمد بن سلمان بجرائم حرب في اليمن

GMT 15:20 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد المجرد يُثير جدلًا على مواقع التواصل إثر أنباء براءته

GMT 02:15 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يتصل هاتفيًا بالطفلة مريم

GMT 06:05 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي اطلالة خريفية مميزة مع مكياج عيون "سموكي بني"
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya