الحراك الريفي بين خطاب السلطة وتجار الأزمة

الحراك الريفي بين خطاب السلطة وتجار الأزمة

المغرب اليوم -

الحراك الريفي بين خطاب السلطة وتجار الأزمة

بقلم : احمد عصيد

ما أقدمت عليه أحزاب الأغلبية الحكومية في ما يخص حراك الحسيمة لا يبشر بخير، فالموقف الرسمي يظل مرتبكا وعديم المردودية، لأنه لا يستجيب للوضع الذي يعبر عنه الحراك الشعبي الريفي.

قامت الأحزاب الحكومية عوض أن تتحمل مسؤوليتها في هذا السياق الصعب، وأن تنظر بعين الحكمة والتبصر إلى ما يجري، قامت بالتشكيك في المتظاهرين وتلفيق التهم لهم واستعمال نظرية المؤامرة بشكل لا يخلو من غباء، بينما يقتضي الوضع الاستجابة لمطالب المواطنين الذين عبروا عن تمسكهم بها وعن عدم قبولهم بأية تسوية بلاغية، لأنهم تعبوا من الوعود والبلاغة، وهذا يعني أن الحلّ الوحيد لحراك الحسيمة هو الحوار المباشر بين المسؤولين الرئيسيين في الدولة وبين السكان، من أجل التفاهم على ما ينبغي عمله أولا، ثم العمل بعد ذلك وبشكل شفاف وفي إطار التواصل المستمر، على تحقيق منجزات ملموسة على أرض الواقع، تحفظ الكرامة وتعيد الاعتبار للإنسان الذي هدرت كرامته حتى أصبح يطحن في حاوية الأزبال.

من بين صعوبات المرحلة التي نعيشها امتداد بعض مساوئ الماضي في الحاضر، ومن بين هذه المساوئ التعامل مع الناس بمنطق الهاجس الأمني ذي الحسابات الضيقة، وهذا إن كان أسلوب عمل وزارة الداخلية فإنه لا يمكن بأية حال أن يكون أسلوب عمل الحكومة بكاملها أو الدولة المغربية بكل مؤسساتها، لأنه منطق ينبغي أن يكون متجاوزا.

أما عن "الانفصال" فهو مرفوض أيا كان مصدره، ولم نسمع حتى الآن من قادة الحراك الريفي ومنظميه في الداخل من تحدث عن استقلال الريف أو انسلاخه عن الوطن الأم، لم نر هذا إلا في خطاب السلطة، والحال أنه إن كان الهدف هو تحويل الاهتمام عن المطالب الاجتماعية العادلة للسكان، فإن الذين ابتدعوا هذه اللعبة لا يزيدون الطين إلا بلة.

ولأن لكل وضعية انتهازيوها وتجارها فقد ظهر كالعادة من يستغل محنة أهل الريف لينشر أوهامه على الناس ويحولها إلى حقائق، ومن بين هذه الأوهام ما يحاول البعض ترويجه من أن حراك الريف هو بسبب عدم هيمنة حزب "الإخوان" على الحكومة واستيلاءه على المؤسسات، حيث هو الوحيد الذي استطاع إخماد حركة 20 فبراير حسب زعمهم، ويمكن له أن يخمد حراك الريف لو كان بيده الأمر والنهي، يقولون هذا في نوع من التشفي في النظام الذي يتهمونه وحده بـ"التحكم"، وفي هذا السياق نقول لباعة الأحلام والأوهام ما يلي:

إن حرك الريف لا يحسب حسابا لطموحات حزب "الإخوان" ولا يذكر حتى وجوده من عدمه، بل إن الحراك المذكور يعتبر حزب المصباح جزءا من لعبة السلطة، ولو كان لأهل الحسيمة رأي آخر لعبروا عنه خلال الانتخابات الأخيرة، حيث قاطعوا هذا الحزب ولم يصوتوا له. كما نُذكر أصحاب الذاكرة القصيرة بأن حراك الريف قد اندلع و بنكيران رئيس الحكومة، وكان رد فعله الأول ردا جبانا حيث دعا أتباعه إلى عدم المشاركة في الحراك وعدم مساندة المسيرات الداعمة له، ولم يفعل شيئا من أجل السكان ولا تحرك من أجل الاستجابة لمطالبهم وهو رئيس الحكومة المغربية، معتقدا بأن ذلك يقربه أكثر من ذوي القرار ويجعله حزب الخدمة الذي لا يُستغنى عنه. غير أنّ كل عملية مقامرة لا تضمن الربح في الغالب بقدر ما تكون وبالا على صاحبها، وهذا ما يفسر ما آل إليه أمر الرئيس السابق وحزبه.

إن الحكمة تقتضي أن ننظر إلى ما يجري في الحسيمة بحس وطني وليس بنعرة حزبية ضيقة، ولا بحمية قبلية ولا عشائرية، إن الحراك الاجتماعي في الريف يعكس انعدام الثقة في المؤسسات بسبب السوابق التي لا يمكن نسيانها، وعلى السلطة أن تعمل على تصحيح الوضع بتغيير مقاربتها الأمنية وتعويضها بمقاربة تنموية مواطنة، هذه المقاربة التي من شأنها وحدها تغيير صورة السلطة لدى الناس، وإشعارهم بالانتماء إلى الدولة المغربية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحراك الريفي بين خطاب السلطة وتجار الأزمة الحراك الريفي بين خطاب السلطة وتجار الأزمة



تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 23:51 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الراقي يتسبب في فسخ عقد طبيب الرجاء

GMT 22:02 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

التكنولوجيا الحديثة والمجتمع

GMT 17:11 2014 الأحد ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شركات الأزياء تخالف البروتوكولات وتعتمد على البدينات

GMT 04:58 2016 الأربعاء ,29 حزيران / يونيو

بحث يكشف فعالية الأسبرين السائل في علاج سرطان المخ

GMT 11:01 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الهولندي ريكو يطالب أنصاره باحترام بدر هاري

GMT 04:54 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

"دولتشي آند غابانا" يقدم مجموعة "الملائكة" لخريف وشتاء 2019

GMT 00:47 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

سيارات"أودي" تمثل ثورة على الرؤية الخلفية

GMT 04:48 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

مغادرة سيرج غازاريان من لبنان بعد تقديمه الأداء الأضعف

GMT 14:19 2016 الأحد ,14 شباط / فبراير

زين مالك فى لوك بناتى على "تويتر"

GMT 15:52 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

كونتي يواجه غيابات هامة أمام بورنموث في الدوري الإنجليزي

GMT 22:28 2014 السبت ,12 تموز / يوليو

كنافة بالجبن لايت
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya