إلى عبد الرحيم …«من صميم الفؤاد» 21

إلى عبد الرحيم …«من صميم الفؤاد» 2/1

المغرب اليوم -

إلى عبد الرحيم …«من صميم الفؤاد» 21

بقلم : عبد الحميد الجماهري

في هذه الذكرى لن أضيف شيئا عما تعلمته بالإقامة بجوار »تمثال« عبد الرحيم الذي بناه بالشهامة
وبالشجاعة..
وبالأخلاق..
لا بمرمر صقيل..
ولا بحجر كريم..
لن أضيف سوى أن قيمته 
زادت سنة أخرى
والحاجة إليه طالت سنة أخرى ..
والحاجة إلى تخصيب الواقعية بالنظافة
أو بالمثالية..
أكثر التماعا الآن
عبد الرحيم هو هذه القدرة الهائلة على تطبيع البراغماتية 
بالمُثُل.. 

والقيم والأهداف السامية

هو هذا الحدس المعقلن في ضرورة توسيع دائرة الممكن بالاستناد الى المستحيل: دخول غمار السياسة والمال والقرار بالإبقاء على نظافة اليد والروح والموقف ..في مغرب ، كان الريع فيه يتحول تدريجيا إلى نظام للحكم!

لن أضيف إلى ما أعرفه عن هالته الكبرى في النفوس وفي التاريخ 

سوى أننا لم نكن محظوظين جدا ونحن نشعر بضرورة الحنين إليه من باب.. الخصاص الكبير في ربط السياسة بالأخلاق، وتهاوي النموذج السياسي في التربية على خدمة البلاد واتساع المسافة بين السياسة والسياسيين! 

وفي ربط الوطن بالمصداقية..

وفي ربط المبدأ بالثبات..

لم يصنع الفقيد عبد الرحيم بوعبيد تمثاله الأخلاقي ، ببناء التناقض بين الرجل المعارض لنظام الحسن الثاني، وبين رجل الدولة الذي يدخل التاريخ بإنجازاته..، 
بل أقام الصرح بدون الانشغال بالبحث في جدوى التنافر بينهما.

وبهذا المعني …فهو كان يؤمن بأن هناك حياة خارج سرايا الدولة

وبأن الدولة ليست بالضرورة عدوة التاريخ…

وأن العمل من داخل النظام ليس سوء خلق نضالي، إذا كان جوهره هو الوطن..

كما أنه لم يعتبر الوقوف في ما لا يشكل قناعات حقيقية لديه، كالمشاركة بدون بأفق ولا وظيفة تاريخية، شرط وجود للسياسي لكي يظل شامخا!

حديثه مع الحسن الثاني.. بعد إسقاط حكومة عبد الله إبراهيم، كان يحمل ما لا تستطيع العديد من العقول تصوره في الحاضر .

فقد عرض عليه استمراره في منصب وزير المالية والاقتصاد ضدا على الحكومة السياسية والبناءة، ورفض بعد أن امتحن ولي العهد على الانسجام بين منصبه الدستوري وبين قيادة الحكومة:كيف تكون وليا للعهد ورئيسا للحكومة بدون أن تزج بالوضع الاعتباري للملكية في فخ تاريخي خطير؟

لكنه هو أيضا من ظل يشترط ربط الاستقلال بعودة الملكية…

لم يكن عبد الرحيم مطالبا بفك الارتباط بين رجل الدولة فيه والمعارض الصارم

ولم يكن عبد الرحيم يحتاج إلى قوة كبيرة لكي يحصل الانسجام بين طرفين في عقل رجل واحد:هل يكون رجل الدولة، بالضرورة «لينا» أخلاقيا ومتساهلا مع المبادئ، أو يكون المعارض الصارم بالضرورة نقيض رجل الدولة الناجع؟

لم تكن حياته ترفا.. 

لكي تكون الأسئلة من قبيل الكهنوت المنغلق والبعيد عن واقع الناس

كان عاليا في السياسة لهذا كان قريبا من واقع الناس..

لهذا لم يكن يعطي كل مقولة حياة خاصة، كان يجمعها بشهية الذي ينفق الكثير من هذه الحياة لفائدة الحياة العامة للناس، فكان المعارض الصارم ورجل الدولة الناجح في الوقت ذاته!
لم يكن يبحث أيضا عن مرادفات تبعده عن المنشأ الوطني للفكرة الاشتراكية في المغرب، لذا لم يكن ينصاع كثيرا إلى السجالات المنغلقة، التي تسقط الوطنية عندما تتحدث عن الاشتراكية أو تريد أن تسقط الاشتراكية باسم الوطن، كما كان عتاة القوة الثالثة يجتهدون في ذلك وقت الصراع!

وكان في الوقت ذاته يدرك حقائق التوازنات، كما يكشف ذلك حديثه مع الشهيد المهدي بن بركة حول الدور الذي يمكن أن يلعبه برلمان منتخب ذو شعبية أمام ملك يحظى بشعبية بدوره.

لنقرأ رأيه :»كنت جالسا إلى جانب المهدي بن بركة الذي كان يسوق السيارة، فيما جلس المهدي العلوي في المقاعد الخلفية، استأنفنا مناقشاتنا اللانهائية حول السبل والوسائل الكفيلة بإقرار نظام ديمقراطي. وجهة نظري كانت هي أن التوافق هو السبيل الوحيد في سياق الظرفية الداخلية المغربية. قلت: إن الوقوف عند شرط المجلس الاستشاري المغربي، المنتخب عبر الاقتراع السري، سيكون خطأ فادحا، فليس بمقدورنا أن نفرض على ملك يحظى بشعبية، حظي بمباركة مجموع الشعب، لدى عودته من المنفى، أن يسلم الملكية إلى مجلس منتخب، حتى ولو انتخب ديمقراطيا. لن يسعه أبدا القبول بذلك... أجابني المهدي -فات الأوان، لن يمكننا العودة إلى الوراء…(..) ما فات أوانه هو أننا نريد إعادة صناعة التاريخ من جديد. فعندما تضيع الفرصة، يكون من غير المجدي السعي لاستعادتها، سيكون ذلك بالضبط سقوطا في فخ التاريخ..«!!!

المصدر : صحيفة الاتحاد الإشتراكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى عبد الرحيم …«من صميم الفؤاد» 21 إلى عبد الرحيم …«من صميم الفؤاد» 21



تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 02:09 2015 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

قاطني غرب أفريقيا يتخذون من "فن الموت" تعريفًا لهم

GMT 14:46 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

إليسا على غلاف مجلة "فوربس" مع حسن الشافعي

GMT 21:06 2016 الإثنين ,16 أيار / مايو

رجال بلا أخلاق والنساء يدفعن الثمن

GMT 17:00 2015 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

نشوى الرويني تفوز بجائزة مجلة IAIR لأفضل رئيس تنفيذي

GMT 05:08 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

السمنة المفرطة تحمي من مضاعفات العمليات الجراحية

GMT 20:08 2015 السبت ,10 كانون الثاني / يناير

معدلات النمو الطبيعية عند الأطفال والمراهقين

GMT 12:39 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بدء منافسات بطولة كأس الملك حمد الدولية للغولف الخميس
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya