ملوك الصدى

ملوك الصدى

المغرب اليوم -

ملوك الصدى

بقلم - لمرابط مبارك

لا أملك معطيات مضادة لأدحض بها ما قاله محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني، بخصوص “نوعية” المدرسين الذين يُكثِرون من الغياب عن فصول الدراسة، وبالتالي لا يؤدون المهمة التي اختاروا عن اقتناع بالدور الذي عليهم القيام به، أو لجؤوا إليها ضمنا لمورد عيش ثابت وقار يقيهم يوما ذا مسغبة. ولكن أجدني مضطرا لتصحيح لغوي بسيط يحفر بحروفه هوة سحيقة وشاسعة بين ما قصده الوزير من تبخيس ليسار الحق ورجاله ونسائه، وبين ما أعتبره حقيقة ثابتة وإن طمسها غبار الزمن الرديء: الأساتذة الذين يتغيبون ولا يؤدون مهامهم ليسوا “مناضلين”، كما يصر الوزير على وصفهم، بل فقط “منتسبين” إلى اليسار (إن تأكد فعلا أنهم يحملون هذه اليافطة)، يتكئون عليها مثل عصا موسى لقضاء مآربهم: منهم من يبحث عن مظلة نقابية تقيه حر شمس المسؤولية، ومنهم من يسعى إلى جعل هذا التنظيم اليساري أو ذاك مصعدا للوصول إلى ثمار يرونها هناك في أعلى الشجرة، وهناك منهم من تسلل إلى هذا اليسار على سبيل الموضة تماما مثلما يرتدي قميصا أو “جينزا” أو حذاء رأى ممثلا أو لاعب كرة يرتديه…

أما مناضلو اليسار في التدريس فهم أولئك المعلمون والأساتذة الذين نتذكر جميعا صورهم وأصواتهم، ونتحسس أثرهم الجميل في النفس والروح كلما التفتنا إلى الوراء. ثم نشرع بحماس في سرد كيف كان هذا المعلم يبلل قميصه بالعرق وهو يشرح ويعيد، وكيف كانت تلك الأستاذة تأتي بمحفظة ثقيلة وتضعها فوق المكتب، ثم تشمر عن ساعديها وتشرع في شرح الطبقات الجيولوجية للصخور، وذاك الآخر الذي كان ينبهنا إلى الفخاخ الكثيرة في مقررات التاريخ، وكيف كان ذلك الأستاذ يفتح أمامنا آفاقا معرفية شهية ومغرية لم نعهدها خلال حصته بالكلية…

مناضلو اليسار في التدريس، وهم قليل، كانوا يحفزوننا على محاولة الفهم وطرق باب التفكير، ولا يرغموننا على الحفظ الجاف البليد.

مناضلو اليسار في التدريس، كانوا دوما تلك الكائنات التي تسكن الهامش معنا وتدفعنا بطريقتها إلى محاولة زعزعة المركز بالخروج عن مقرراته الجامدة.

كانوا عود الثقاب الذي يحاول أن يقدح في نفوسنا، ونحن يافعين وشبابا، شرارة الصوت المختلف الذي نحمل في صدرونا جميعنا، كل بطريقته، صداه إلى اليوم وإلى الأبد.

هؤلاء الأساتذة هم مناضلو اليسار، هم ممثلو اليسار الذي كان دائما بالنسبة إلي هو ذلك الهامش الذي يجرؤ على مساءلة المركز وسلطته السياسية والدينية والفكرية، ولا يتورع عن زحزحته ما استطاع.

تذكرت هذه الأيام، التي يتم فيها تخليد الذكرى التاسعة لوفاة محمود درويش، مقطعا باذخا من إحدى قصائده:

أنا ملك الصدى

لا عرش لي إلا الهوامش.

والأساتذة من مناضلي اليسار هم حقا ملوك الصدى ولا عروش لهم إلا الهوامش، التي تقلق المركز وسادة المركز ووزراء المركز.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملوك الصدى ملوك الصدى



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 21:12 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يفاوض الإسباني خوان كارلوس غاريدو

GMT 16:53 2015 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

زكرياء لحلو ينتهي من تصوير مسلسل "دار الضمانة"

GMT 06:51 2015 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

فضيحة رشوة في مستشفى السرطان في الرباط

GMT 13:08 2017 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

سويسرا الاختيار المميز من أجل شهر عسل رائع

GMT 22:17 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هزة أرضية تثير الرعب بين سكان مدينة الناظور

GMT 13:31 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تشكيلة خواتم مرصعة بالأحجار الكريمة من دار BELENCIAGA
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya