دبلوماسيّون حراك مكثف على ساحة متأرجحة

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

المغرب اليوم -

دبلوماسيّون حراك مكثف على ساحة متأرجحة

بقلم : جورج شاهين

لا يُمكن النظر الى حجم الحراك الذي يقوده ممثلو الدول والمؤسسات المانحة على الساحة اللبنانيّة على أنه روتيني. فالإهتمام الدولي رهن باستحقاقات مؤتمر «سيدر 1» ومعه المؤتمرات المفتوحة على مزيد من الدعم العسكري. وهي تتلاقى مع السعي لتوليد موازنة 2019 في النصف الثاني من السنة المالية، على وقع «الصاعقة» الذي أطلقها تقرير «موديز». وعليه ما الذي يمكن هذا الحراك أن يعكسه؟
بعد أيام على مغادرة أعلى وفد رسمي روسي زار بيروت في الفترة الأخيرة برئاسة المفوض الروسي الخاص الى سوريا ألكسندر لافرنتييف ومعه نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين وآخر أميركي يقوده الموفد الأميركي السابق فريديريك هوف، بَرز حراك وفود البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في اتجاه بيروت تزامناً مع تحركات المسؤولين الأوروبيين في بيروت من خلال زيارة السفير الإيطالي ماسيمو ماروتي للقصر الجمهوري قبل أيام، وسط الاستعداد لاستقبال وزيرة الدفاع الفرنسيّة فلورانس بارلي في زيارة رسميّة تلتقي خلالها المسؤولين الكبار وتتقاطع مع عودة نائب وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد بعد طول انتظار.

من المؤكد أنّ كل هذا الحراك ليس عادياً ولا ظرفياً، فالمنطقة تغلي ولبنان يعيش وضعاً أمنياً مستقراً لا يتناسب وحجم الأوضاع الاقتصادية والمالية المتأرجحة التي يعيشها في مرحلة تحيط به النيران من كل الاتجاهات.

ولذلك، لا بد من قراءة هذه الحركة من زوايا مختلفة، وهو أمر فرض على اللبنانيين تقويماً جديداً لأداء المسؤولين إذا ارادوا الإفادة من نتائج هذه الورشة المتعددة الوجوه، والإسراع في توليد الموازنة وتشكيل المجلس الدستوري وتركيب الهيئات ومجالس إدارة المؤسسات الانتاجية والخدماتية والإدارية.

وتعترف مراجع سياسية وديبلوماسية أن ليس في كل ما سبق ما يشير الى أنّ اللبنانيين واعون لحجم المخاطر المحيطة بالبلاد من الداخل والخارج في مرحلة هي الأخطر، والتي قد يتسبّب بتغيير فيها كثير من المعطيات التي تؤثر في مجرى الساحة اللبنانية على اكثر من مستوى. فهي ستشغل اللبنانيين عمّا يدور في الخارج واستيعاب ردات الفعل قبل ان تتلقّاها الساحة اللبنانية، بما لها من سلبيات تتجاوز في شكلها ومضمونها الإيجابيات المأمولة.

على هذه الخلفيات، توقف المسؤولون امام حجم «الصاعقة» التي أدى اليها التصنيف السلبي لمؤسسة «موديز» الإئتمانية الدوليّة تجاه الماليّة اللبنانية والوضع النقدي، على رغم من اعتراف كثير من الاقتصاديين بأنه تقرير روتيني وتقليدي لا يمكن أن يقرأ الوضع الإقتصادي في لبنان على غير ما يوحي به من صعوبة تعكس مستقبله، إن لم يبادر اللبنانيون الى البَت بكثير من القرارات الصعبة التي عليهم اتخاذها أو فتح الطريق إليها على الأقل.

ومن هذه النقطة بالذات، إلتقت الخبرات اللبنانية على قراءة تقرير «موديز» على أنه واقعي في جانب منه، وتحديداً عندما عبّر عن القلق من المؤشرات النقديّة المتعلقة بضعف تدفّق الرساميل إلى لبنان وعدم قدرة لبنان على تخصيص مبالغ كبيرة من موازنته للمشاريع الإستثمارية. لكن لا يوجد مسؤول لبناني ومعه أكثر من خبير دولي يشاركها الرأي، أو يشكّك في قدرة لبنان الائتمانية والتسديدية للديون وسندات الخزينة أيّاً كانت المصاعب التي يواجهها لبنان لزيادة واردات الخزينة والتخفيف من نسبة العجز وكلفة الدين العام. كما بالنسبة الى الرفض القاطع لجهة اللجوء الى إعادة هيكلة الديون المترتبة على لبنان ليعتبر متخلّفاً عن سداد ديونه. فهؤلاء جميعاً يدركون أنّ الكتلة الكبيرة من الديون ما زالت داخليّة بنسبة تقارب الـ 86% منها، وهو أمر تَجاهله تقرير «موديز» لأسباب لا يمكن البَوح بكثير منها، على ما يقول احد الخبراء الماليين في لبنان.

واذا كان تقرير «موديز» شَكّل حافزاً الى إعلان حال استنفار مالية واقتصادية تقرر اللجوء اليها في اجتماع السراي الحكومي بين رئيس الحكومة ووزير المال وحاكم مصرف لبنان، فإنه لا يمكن تجاهل الدعم الذي تلقّاه لبنان من نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، الذي أكد بعد لقائه الرئيس سعد الحريري ووزير المال امس «انّ لبنان يسير في طريق سليم بالنسبة الى الإصلاحات على مستوى الموازنة والكهرباء». وانّ المطلوب المضي في «تنفيذ ما تعهّد به لبنان أمام «سيدر 1» وغيره من المؤتمرات». مذكّراً بحجم المبالغ المرصودة للبنان لتنفيذ مشاريع استثمارية مؤجلة بقيمة مليار دولار من أصل مليارين و400 مليون دولار من محفظة البنك.

هذا على المستوى المالي والاقتصادي، أمّا على المستوى الأمني والعسكري فقد كان لافتاً سَعي السفير الإيطالي في زيارته لقصر بعبدا (25 حزيران الجاري) ليسأل رئيس الجمهورية عن مصير المساعدات المقررة في مؤتمر «روما 2» الذي خُصّص للبحث في دعم الجيش والمؤسسات الامنية اللبنانية، والذي استضافته العاصمة الايطالية العام الماضي لاستكمال ما بقي منها. وهذا الأمر سيلتقي مع مضمون جدول اعمال وزيرة الدفاع الفرنسية التي ستزور بيروت الأسبوع المقبل لاستكمال البحث، بالإضافة الى العلاقات السياسية بين البلدين، في مصير المساعدات العسكرية والأمنية ولتسأل تحديداً عن الروايات التي ترددت حول احتمال إحياء الهبة العسكرية السعودية للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى من الصناعات العسكرية الفرنسية، وهو ما يشير الى انّ التزامات فرنسا من هذه العقود ما زالت سارية المفعول.

والى هذه الملفات الأمنية والعسكرية والمالية ستثير عودة ساترفيلد الحديث عن مسار المبادرة التي أطلقها في شأن ترسيم الحدود البرية والبحرية مع اسرائيل، في ظل غموض يكتنف ما سيعود به، في وقت تسارعت الخطى لترك هذا الديبلوماسي مهمته اللبنانية والانتقال الى مقر عمله الجديد ربما في تموز المقبل كسفير لبلاده في تركيا. ولذا، فإنه في حال رافقه خلفه دافيد شينكر فإنّ ذلك سيعني انّ زيارته للبنان ستكون الأخيرة بحيث تنتهي بتسليم وتسلّم بينهما على الأراضي اللبنانية، لتنفتح المفاوضات على أفق جديد ما زال غامضاً طالما انّ السلطة في اسرائيل لم تستقر بعد في ظل حكومة تصريف الاعمال برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يُتقن طريقة تأجيل القرارات المحرجة الى التوقيت الذي يريده.

عند هذه الحدود تقرأ مراجع سياسية وديبلوماسية حصيلة الحراك الدولي الجاري على الساحة اللبنانية وما هو مُنتظر منه، لتشير الى انّ لبنان المنهمِك بتقاسم المواقع الدستورية والإدارية بين أقطابه، عليه ان يستجيب سريعاً للنداءات الدولية للخروج من المأزق المالي والإقتصادي وملاقاة المجتمع الدولي في منتصف الطريق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسيّون حراك مكثف على ساحة متأرجحة دبلوماسيّون حراك مكثف على ساحة متأرجحة



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 21:12 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزيرة الإماراتي يفاوض الإسباني خوان كارلوس غاريدو

GMT 16:53 2015 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

زكرياء لحلو ينتهي من تصوير مسلسل "دار الضمانة"

GMT 06:51 2015 الثلاثاء ,12 أيار / مايو

فضيحة رشوة في مستشفى السرطان في الرباط

GMT 13:08 2017 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

سويسرا الاختيار المميز من أجل شهر عسل رائع

GMT 22:17 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هزة أرضية تثير الرعب بين سكان مدينة الناظور

GMT 13:31 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تشكيلة خواتم مرصعة بالأحجار الكريمة من دار BELENCIAGA
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya