رئيس تونس القادم

رئيس تونس القادم

المغرب اليوم -

رئيس تونس القادم

بقلم : د. آمال موسى


بوفاة الرئيس الراحل السيد الباجي قائد السبسي، وجدت تونس نفسها مضطرة دستورياً إلى تقديم موعد الانتخابات الرئاسية لتكون في 15 سبتمبر (أيلول) عوضاً عن التاريخ السابق 17 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي أنّها ستسبق الانتخابات التشريعية المقرّرة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول).
هذه المعطيات الجديدة وغيرها ستؤثر سياسياً على سير الانتخابات ونتائجها: تأثيرات بليغة والوقت ضيق جداً، والحرارة السياسية مرتفعة جداً، والسباق نحو قرطاج يحاول التأقلم مع المعطيات الجديدة.
كما أن ما سمّيناها معطيات جديدة لا تتمثل في تقديم الانتخابات فقط بل إن الأمر يتجاوز ذلك إلى تغيير البعض للتكتيك السياسي في اللعبة السياسية القادمة إضافةً إلى ظهور منافسين جدد وتراجع حظوظ البعض.
من جهة ثانية، لا يفوتنا أن تقديم الرئاسية على التشريعية هو في حد ذاته معطى مهم ومؤثر لأن كل التكتيك السياسي للمشاركين في الانتخابات القادمة انبنى على معطى أسبقية التشريعية على الرئاسيّة.
طبعاً هناك لاعب ماهر سياسياً انسحب من اللعبة ومن السباق وهو الرئيس الراحل قائد السبسي، الأمر الذي أدى إلى حدوث لخبطة في الأوراق والصفقات السياسية.
طبعاً تهافُت المترشحين على الانتخابات الرئاسية والتشريعية ظاهرة واضحة ويمكن تبريرها وتفسيرها، خصوصاً أنها تستحق وقفة خاصة بالنظر إلى حجم التهافت وملامح المتهافتين، ولكن ما يهمنا في هذا السياق هم المنتمون إلى الأحزاب والذين لهم تاريخ سياسي.
ومما لا شك فيه أن الأمر لن يكون سهلاً للأحزاب على الأقل، فالتجربة السابقة لا يمكن النسج على منوالها، ونقصد انتخابات 2014، ذلك أن نتائج التشريعية وجّهت الانتخابات الرئاسيّة في حين أن هذه المرة الوضع مختلف تماماً. كما تكمن الصعوبة في أن الفائزين في التشريعية من المفروض نظرياً على الأقل التنسيق بشكل يمهد لظروف عمل توافقية بين الفاعلين في البرلمان ومؤسسة الرئاسة ورئاسة الحكومة.
لقد كانت اللعبة الانتخابية القادمة قبل حدث وفاة قائد السبسي واضحة. كما أن تقديم الرئاسية على البرلمانية سيجعل اللعبة مفتوحة ولا يستطيع أي طرف التكتيك بثقة وعقد تحالفات نهائية.
فالانتخابات التشريعية بالنظر إلى تشرذم الأحزاب وضعف القواعد الشعبية للعديد من الأحزاب ناهيك بتآكل حركة «نداء تونس»، خصوصاً أنها فقدت مؤسسها السبسي... بالنظر إلى هذا وغيره فإنه يمكن القول إن الأغلبية النسبية ستكون لفائدة «حركة النهضة» وذلك لأن حركة «نداء تونس» التي تأسست من أجل إعادة بناء مشهد سياسي تهيمن عليه «حركة النهضة» وخلق حقل سياسي من قطبين حزبيين كبيرين، قد تراجع حضوره لفائدتها وباقي الأحزاب لا يمكن أن تشكل أرقاماً مهمة داخل قبة البرلمان.
مشكلة «حركة النّهضة» الآن أنّها مهّدت منذ أشهر لتحالف مع رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد، وهو التحالف الذي لم يرُقْ للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وبسببه دب الخلاف ووصل إلى حد التأزم وتوظيف الباجي موضوع الجهاز العسكري لـ«حركة النهضة» للدعاية ضدها. أي أن «حركة النهضة» كانت –ولا تزال– تبرمج لدعم السيد يوسف الشاهد في الانتخابات الرئاسية ليكون رئيساً. وفي هذه الحالة لن تبقى إلا الحكومة التي هي بين قبضتي البرلمان وقصر قرطاج.
هذا التكتيك الذي رسمته «حركة النهضة» أصبح مهدداً في صورة ترشح وزير الدفاع الحالي السيد عبد الكريم الزبيدي للانتخابات الرئاسية خصوصاً أن هذا الرجل يحظى بشعبية ومصداقية كبيرة تأكدت وتضاعفت مع أداء المؤسسة المحكم والمشرف خلال كل التفاصيل المرتبطة بجنازة الراحل الرئيس قائد السبسي، فهو أكثر المرشحين حظاً والأكثر قدرة على منافسته هو الرئيس المؤقت الحالي الذي شغل رئاسة البرلمان ولكنه عبّر عن عدم نيته الترشح. وهذا الوضع مربك لـ«حركة النهضة» لأن وجود الزبيدي في قصر قرطاج لن يسهل مهمتها في ضمان نصيب الأسد من الحكم.
السؤال حالياً هو: في صورة ترشح السيّدين يوسف الشاهد، بدعم من أصوات «حركة النهضة»، والسيد عبد الكريم الزبيدي، بدعم من النخب، لمَن ستؤول الرئاسة؟
طبعاً ليست سهلة الإجابة عن هذا السؤال لأن اللعبة الانتخابية تدور حول صناديق الاقتراع والناخب التونسي قد يصنع المفاجآت، ولكن الذي يمكن الخوض فيه بوضوح إلى حد الآن هو أن معركة هذه الانتخابات أقل حماسة وأقل تطلعات. يمكن الحديث عن تحالفات وصفقات أكثر منها لعبة انتخابية تنافسية حامية كما حصل قبل خمس سنوات.
أيضاً البرامج غائبة ولا أحد يعتمدها أساس حملته الانتخابية، والحال أن المشكلات التي تعاني منها البلاد اقتصادية وتحتاج إلى برامج تنموية وتصورات معمقة حول كيفية تطوير الاقتصاد وتدوير عجلة الاستثمار.
طبعاً هذه الانتخابات ستكون شرسة أو لِنَقُل ستبدأ بشراسة بحكم أن الانتخابات الرئاسية ستُجرى قبل التشريعية وإذا كانت هذه الأخيرة شبه محسومة ولفائدة النهضة فإن التكتيك الآن بالنسبة إلى النخب التحديثية هو كيف يتم استثمار الانتخابات الرئاسية لقطع الطريق أمام علاقة توافقية بين «حركة النهضة» ومؤسسة الرئاسة لأنه إذا كسبت «حركة النهضة» الانتخابات التشريعية ودعمت الرئيس المقبل وضمنت تحالفه فإن الحكم عملياً آل لـ«حركة النهضة».
لذلك فإن كل شيء سيتضح مع الانتخابات الرئاسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس تونس القادم رئيس تونس القادم



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 05:17 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

نبات "الكافا" أفضل تكملة لتحسين الحالة النفسية

GMT 19:13 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جون سينا يرتدي ملابس نيكي بيلا ويقلدها بشكل غريب للغاية

GMT 00:44 2017 الخميس ,27 إبريل / نيسان

منة شلبي تتحدث عن دورها في مسلسل "واحة الغروب"

GMT 17:20 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكاف" يكشف موقفه من حركة عماد متعب المثيرة للجدل

GMT 02:37 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الأحمر لمسة جديدة تقتحم موضة ملابس الرجال لموسم شتاء 2016

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 10:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

عين الجمل وصفة سحرية للذكاء والجنس والحمية والسرطان

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 03:20 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سيدة الصين الأولى تلتقي زوجة رئيس الوزراء البريطاني

GMT 18:53 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

إيناس النجار تحتفل بخطبتها على رجل الأعمال محمد محفوظ

GMT 03:24 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الفطر القضيبي يطلق محتوى مثير يشبه الهرمونات بمجرد الشم

GMT 01:23 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

إذاعة "ميكس ميغابول" تتعرض للقرصنة من قبل "داعش"

GMT 02:21 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عبير عبد الوهاب تُعلن سبب انضمامها إلى الإعلام

GMT 00:45 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة التغذية تُعطي نصائح للوقاية من أمراض الشتاء مسبقًا
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya