في الروضة

في الروضة

المغرب اليوم -

في الروضة

سمير عطاالله
بقلم - سمير عطاالله

أعادنا أطفالاً نتلقى كل يوم أمثولة في علم الأحياء ودروس الأشياء. كيف تعمل الرئة، وما أهمية جهاز التنفس. أعادنا إلى أحجامنا الطبيعية في طبيعة البشر والحياة. الخوف من انقطاع الخبز ومن انقطاع المياه، والخوف خصوصاً من الآخر فلعله ينقل الوباء من دون أن يدري. أو لعلك مصاب ولم يبلغك الخادع الخسيس بعد.
أعاد الدرس منذ البداية: أعيدوا معي: الإنسان مجموعة أشياء صغيرة: حزين لأنه عاجز عن الذهاب إلى المكتبة لشراء صحيفته. مكسور لأن المقهى مغلق. ناقم لأن مؤونة البقال من خبز الشوفان نفدت أمس. يمضّه اليأس لأن المباريات التي لا تفوته منذ ثلاثين عاماً، ألغيت الآن، وألغيت معها الدورة الأولمبية ونهائيات كرة السلة في نيويورك. كل شيء ألغي. وصفحتك الرياضية مثل الصفحة الاقتصادية مثل الصفحة السياسية، وهنت وخسرت وزنها.
لقد كشف لك أن حياتك في نهاية المطاف عبارة عن مجموعة أشياء صغيرة: تحية الأصدقاء ونزهة قصيرة وأن تكون قريباً من الناس. أن تصافحهم وأن تعانق أبناءك ومحبيك، وأن تذهب إلى المحاضرة المقررة، وأن تنظر بطرف عينك إلى الصبايا العابرات قربك مثل مجموعة مهرات تتحلى بهن الأرصفة. كل هذه البساطات تصبح حلماً عصياً وحنيناً ممنوعاً. الخوف يسبقك إلى الشوارع، والذعر هو وعد الغد. وتصبح الدنيا برمّتها مجموعة أرقام: من أصيب ومن تعافى ومن لم يكن له مكان في المستشفيات الملبدة.
لقد ألغيتَ كل مواعيدك ويومياتك العادية. حتى موعدك مع الحلاق يخضع لمبدأ التباعد الاجتماعي. وتكتشف أن الإنترنت حلت مشكلة الدراسة والمؤتمرات والندوات، لكن ما يزال بينك وبين قصة الشعر خوف العدوى وحكمة الدهر: هل تستحق قصة شعر كل هذه المخاطرة؟ وعن قصة أي شعر، تتحدث جنابك، في أي حال؟
أغار «كورونا» على أشيائنا العادية أولاً: على حياتنا المنزلية وعلى أعمالنا وعلى كل شيء كنا نعتقد أنه أمر مفروغ منه. فإذا به مسألة بعيدة ومعقدة، وأحياناً مستحيلة. جعل «كورونا» من رئيس أكبر دولة في العالم، إنساناً مرتبكاً يخرج من مؤتمر صحافي ليدخل إلى آخر، وينتهي من تغريدة لينقضها في التالية. وهوت أعصاب بوتين وأرخت معالمه الماكرة. وأخرج بوريس جونسون بريطانيا من أوروبا، لكنه كاد لا يخرج من المستشفى.
وعادت الأشياء إلى جذورها. وعلى اللوح الأسود (السبورة) وقف هذا المدرس الغامض يعلمنا جميعاً أن التراحم هو أنبل المشاعر في الدنيا. وأنبل الحلول. والأنانيات خراب. حتى قساة الأرض تذكروا أن الرحمة هي أرفع صلة بين الأرض والسماء. فجأة، وفي كل القارات، نسينا الجيوش الكبرى، وصفق العالم الكئيب دامعاً للجيوش البيضاء في كل مكان. يقتحمون في شجاعة هائلة حصون الوباء، ويغامرون بأرواحهم كي يشفى بين أيديهم إنسان لم يروه من قبل ولن يروه من بعد. لا شروط في الرحمة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الروضة في الروضة



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 05:22 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط طفل من سطح منزله في سيدي مومن في الدار البيضاء

GMT 08:19 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

درة تفوز بلقب أفضل إطلالة في مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 17:33 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسطول سيارات "الفرعون" محمد صلاح

GMT 04:32 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

كندا تُوفر حارسًا شخصيًا للفتاة السعودية الهاربة

GMT 09:21 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مكياج عيون خفيف وناعم لإطلالة أكثر جاذبية

GMT 03:51 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

خطيبة خاشقجي توضع تحت حماية الشرطة التركية

GMT 13:32 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

مقتل أب غرقًا بسبب الفيضانات ضواحي مدينة مراكش

GMT 23:57 2018 الإثنين ,30 إبريل / نيسان

"الأرصاد" تعلن خريطة التقلبات الجوية في مصر

GMT 02:36 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

وصفة صابلي بدون بيض سهل، لذيذ و سريع

GMT 13:48 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة تصدر عقوبات جديدة في حق الجديدة وتطوان وأسفي

GMT 11:51 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

فندق الشجرة الوحيدة في اليابان لمفضلي الغرابة والتميز

GMT 02:44 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

محلات " ست الصبايا " تطلق مجموعتها الشتوية الجديدة
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya