دواء الكورونا بين وسوسة العلم واستعجال السياسة

دواء الكورونا بين وسوسة العلم واستعجال السياسة

المغرب اليوم -

دواء الكورونا بين وسوسة العلم واستعجال السياسة

خالد منتصر
بقلم - خالد منتصر

بناء الطب الحديث يقوم على عمود أساسى بدونه ينهار المعنى والمبنى، هذا العمود اسمه الطب القائم على الدليل، وخطوات اكتشاف واختراع الدواء صارت لها قواعد صارمة ومنضبطة حتى يضمن العلماء الدقة والأمان، فى حالة الكورونا «كوفيد - ١٩» لا أحد على استعداد للانتظار، لا المجتمعات ولا الأفراد ولا الحكومات، العالم كله يضغط على العلماء لتحويل معاملهم إلى مصابيح علاء الدين، افرك المصباح ليخرج الجنى حاملاً على كفه الدواء أو الفاكسين، الباحثون فى المعامل وشركات الدواء بين شقى الرحى، يصرخون من شدة الضغط بين المطرقة والسندان، السياسيون يعتبرون مراحل اختبار الدواء وسوسة لا داعى لها، وتزيُّداً يحمل تعالياً ولا مبالاة بآلام الناس ومواجعهم، يصرخون فى العلماء، هناك مرضى يموتون وأنتم ما زلتم تقارنون وتعايرون وتختبرون وتحللون، هاتوا مِ الآخر، وهذه الهات مِ الآخر فى منتهى الخطورة فى الطب عموماً، وفى مجال أبحاث الأدوية خصوصاً، العالم معذور، والحكومات والسياسيون تحت ضغط فى منتهى البشاعة من شعوبهم، لم يسبق له مثيل فى التاريخ، لكن الباحث والعالم هو الآخر معذور، فالدواء ليس قطع بونبونى أو شيكولاتة متروكة للطعم والتذوق والمزاج، لكنه ترياق من الممكن أن يتحول إلى سم لو أخطأنا التقدير وابتعدنا عن الانضباط وتنازلنا عن تلك الصرامة التى يطلق عليها السياسيون الوسوسة، المادة الفعالة أو الدواء لكى يكون علاجاً لا بد أن يمر بمراحل فى المعمل ثم تجريب على حيوانات ثم تجارب سريرية على بشر تستخدم فيها المقارنة بين مجموعة المرضى ومجموعة تتناول البلاسيبو الذى هو منزوع المادة الفعالة، وبعد كل هذه الخطوات التى تستغرق كل منها شهوراً عديدة وأحياناً سنوات، من الممكن جداً أن نكتشف أعراضاً جانبية فى الدواء فيتم سحبه من الأسواق!! لا بد من أبحاث على الجرعة بكل دقة، قبل أم بعد الأكل وتأثير عصارات الهضم عليه، تفاعلاته مع الأدوية الأخرى، أعراضه الجانبية وهل هى خطيرة بحيث إن المرض نفسه يكون أهون منها.... إلخ، كيف يتنازل الباحث عن كل هذا ويحول مختبراته إلى مغارة «على بابا»، ويلقى بكل قواريره وأجهزة معامله وخرائط إحصائياته فى سلة القمامة ليستخدم «افتح يا سمسم»، الوضع صعب، والسياسيون ستحاسبهم شعوبهم بقسوة، ولكن التاريخ أيضاً لن يرحم الباحث الذى يسمح بدواء قاتل أو مشوه للأجنة أو يفاقم المرض أو يمنح نتائج خداعة... إلخ، أخشى من حرق المراحل الذى يطلبه السياسيون من العلماء، أخشى من أن يطالبوا مثلاً بشطب مرحلة التجريب على الحيوانات والدخول فى التجريب مباشرة على البشر، هنا تكون الكارثة الأخطر من كورونا، طوق النجاة الحقيقى هو إما الفاكسين وإما العلاج الذى هو مضاد الفيروس وقاتله المباشر، نحن الآن فى مرحلة تجريب البحث فى الأدوية المتاحة والتى تعمل على المناعة، وهذه مرحلة ضبابية فيها اضطراب كبير، وشد وجذب بين السياسيين والعلماء مثلما هو حادث فى موضوع دواء الملاريا ومدى فاعليته، لكن بعد رسم خريطة الجينوم الفيروسى ومعرفة تركيبه بدقة، صار البحث الحقيقى الجاد الذى فيه كل الأمل هو كيف نضرب هذا الشريط الوراثى للفيروس، وفى أى مكان نطلق عليه الرصاص فنرديه قتيلاً، ولنا فى السوفالدى الخبر اليقين، فهو يحمل تلك الفلسفة فى ضرب الفيروس وليس الالتفاف حوله من بعيد بلا فائدة ملموسة قاطعة كما كان يفعل عقار الإنترفيرون الذى كان يستخدم قبله، أرجو ألا يحدث تحت ضغط الكورونا أى إهدار لقيم العلم الحقيقية بما تحمله من انضباط وصرامة وشك ووسوسة أيضاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دواء الكورونا بين وسوسة العلم واستعجال السياسة دواء الكورونا بين وسوسة العلم واستعجال السياسة



GMT 07:06 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

الحانوتى!

GMT 07:05 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

صالح «كورونا» العام

GMT 07:03 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

رؤساء العالم معاً ضد كورونا

GMT 07:01 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

السلطويّة والفاشيّة على رأس الاحتمالات... للأسف!

GMT 07:00 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

حمدوك فى القاهرة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 06:49 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الأطعمة في دبي خيارات عديدة وأسعار متفاوتة تعرف عليها

GMT 13:25 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سارعي و احضري صناديق الخضار ستذهلين بما يمكنك فعله بها

GMT 14:01 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

عشبة القلب تعالج الاكتئاب والتبول الليلي

GMT 15:56 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد أمين بنهاشم يكلف فريق أولمبيك آسفي 180 ألف دولار

GMT 22:56 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تجلب ألعاب بلاي ستيشن 2 إلى بلاي ستيشن 4

GMT 02:02 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

القواعد اللازمة لجعل المطبخ أكثر نظافة

GMT 22:06 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

منقبة تعترف بإستدراجها طالبات للزّواج بقياديّين في داعش

GMT 22:49 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

برامج خاصة تحتفل باليوم الوطني الإماراتي تحت شعار "عزكم عزنا"

GMT 09:36 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليدي غاغا تتألق في اللون الوردي أثناء ترويج ألبومها "جوان"

GMT 03:20 2014 الإثنين ,15 كانون الأول / ديسمبر

المصممة هبة رمضان توصي باقتناء ملابس المنزل التركية

GMT 08:35 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الهدال يثبط الأورام ويقوي جهاز المناعة

GMT 09:30 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

إيناس الدغيدي تعلن عن مشاهدتها للأفلام الإباحية

GMT 15:59 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

اختتام حفل تتويج ملكة جمال الأمازيغ لعام 2017
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya