حلاق في الحظر

حلاق في الحظر!

المغرب اليوم -

حلاق في الحظر

محمد أمين
بقلم - محمد أمين

عشنا وشفنا الإقامة الجبرية.. استسلمت للتجربة برغبة صادقة كى تمر الأزمة.. لم أشعر بألم الحظر إلا في وقت متأخر.. مرت الأيام الأولى طبيعية جداً.. بدأت أشاهد برامج التوك شو وأتنقل بالريموت كنترول بين المحطات.. فجأة وجدت أننى ممكن أن أتآلف مع مذيعى البرامج وأتعاطف معهم.. تعلمت في الحظر أشياء لم أكن أتعلمها بدون الحظر، دخلت المطبخ لإعداد بعض الأشياء البسيطة.. ولكن مع الوقت كانت ساعات الحظر طويلة ومملة، ولابد أن كلاً منا فكر بطريقة أو بأخرى كيف يتغلب عليها ويستفيد منها.. أعرف أن البعض دخل المطبخ يعمل الشاى أو القهوة.. والبعض الآخر بدأ يرتب سريره وغرفة نومه.. هناك من راح يقرأ بعض الكتب أو يشاهد الأفلام القديمة وصولاً إلى أفلام الكرتون!

وأحكى لكم عن تجربة الحلاقة.. فقد أغلقت محلات الحلاقة أبوابها.. وأصبح شعرنا طويلاً.. كانت الفكرة أن يحلق بعضنا لبعض.. اشترينا ماكينة بدرجات لزوم عمل «تدريجة».. وجاء اليوم لأجلس أمام ابنى، وأسلم له رأسى.. ولا تتخيلوا شعورى بالزهق وأنا أجلس أمامه، والشعر يتساقط على صدرى.. وكل دقيقة أحب أن أرى النتيجة.. وهناك رقابة عليه من الآخرين.. وضحكات تتعالى تملأ المكان.. و«حاسب يا واد بابا هيقرع كده».. وأنتفض لأرى ما جرى.. ثم أجلس ليستكمل.. في النهاية نحن في الحظر، وهو ممتد لن يرانا أحد.. تجربة مريرة أن تسلم رأسك لمن يجرب فيك تعلم أصول المهنة!

ومرت ساعة زمن كان كل شىء قد انتهى، ونظرت في المرآة لأرى شخصا غير الذي أعرفه.. وتعالت الضحكات والقفشات، وراح ابنى يطلب الأجرة والبقشيش.. المهم أننى بعد الاستحمام اكتشفت أن ما حدث أفضل من ترك الشعر على حاله، ليذكرنى بزمن الشعر الطويل أيام عبدالحليم حافظ في السبعينيات!

وجاء وقت لأحلق فيه للأولاد.. الموضوع يخنق فعلاً. وتخيل نفسك تحلق لابنك «زلبطة».. ولو فعلها الحلاق لقمت بتحرير محضر ضده.. وتخيل وهو يشعر بالبكاء ويكتم في نفسه ألماً تحسه في عينيه.. وتقنعه بأن الجو حر وأن النظافة من الإيمان.. ولا مانع أن تحكى له قصة من الزمن القديم «أيام الحلاقة بالغلة».. فيضطر الحلاق ليحلق لك «زيرو» ليقلل التردد عليه.. وتمارس دور الحلاق في الرغى.. ولا تنجح لأنك مشغول بالحلاقة، ولاحظ أنك تحلق لابنك!

ومضى الوقت كئيباً لإنجاز من رأس واحد، ونؤجل الآخرين لأيام تالية.. فالحلاقة مزعجة جداً، خاصة إذا كنت تحلق على أعصابك.. وتتحجج بأن الماكينة لابد أن تُترك في الشاحن للصباح أولاً!

وهكذا اشتغلت حلاقاً في الحظر بلا أجر لنكسر الحظر ونضحك، وتعيش هذه الأيام في ذاكرة الأولاد.. فمازلنا نذكر الحواديت القديمة في الليالى القمرية على مصطبة بيتنا القديم!

الحكمة: لا تسلم رأسك لأحد يلعب فيه، بالأفكار أو حتى بالحلاقة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلاق في الحظر حلاق في الحظر



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 08:41 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

توقعات بوقوع هزة أرضية مدمرة في إسرائيل

GMT 08:23 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الدانتيل" لإطلالة ناعمة وذات سحر خاص في الصيف

GMT 10:31 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتجاهات في عام 2018 تحمل التكنولوجيا إلى مناطق مخيفة

GMT 15:22 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

3 لاعبين يعودون لتدريبات الكوكب المراكشي

GMT 15:57 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة طفلة صغيرة بطلق ناري في إقليم تارودانت

GMT 12:57 2014 الأربعاء ,25 حزيران / يونيو

أهم الإكسسوارات التي يجب تواجدها في الحمام

GMT 02:28 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

جميلات الطبقة الثرية يلفتن الأنظار في حفلة راقصة في موسكو

GMT 07:15 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

رجاء بكريّة تطرح "عين خفشة" عن ذاكرة فلسطين 48
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya