بين الرباط وبان كي مون

بين الرباط وبان كي مون

المغرب اليوم -

بين الرباط وبان كي مون

محمد الأشهب

أن تكون أزمة المغرب مع الأمين العام للأمم المتحدة عارضة أو تكون لها تداعيات على رقعة نزاع الصحراء، فالمسألة تراوح مكانها في نفس التوقيت، كلما كان مجلس الأمن على موعد لاستخلاص قراراته السنوية. ولن يكون بان كي مون أول أو آخر أمين عام أخفق في إدارة الملف، بما يجعله أقرب إلى الحل.
لقد أنهى بيريز ديكويار ولايته بإقرار تسوية نظرية توافرت لها حظوظ كبيرة، لولا أنها عند الانتقال إلى الواقع بدت مجردة وحالمة، لم تضع في الاعتبار أن رياح الصحراء تغير العلامات وتنشر غموض المسالك. وكاد كوفي أنان أن يحدد موعداً نهائياً للانفراج، لولا أنه اكتشف صعوبات اللحظة الحاسمة التي دفعته لأن يستعين بالكشاف جيمس بيكر الذي كان أول من رفع شعار الحل الثالث البديل. ولم يثبت في غضون ذلك أن أي مسؤول في المقر الزجاجي للأمم المتحدة في نيويورك اتخذ موقفاً منحازاً لهذا الطرف أو ذاك.
غير أن التعبير عن نفاد الصبر تشترك فيه كافة الأطراف، وإن اختلفت مبرراتها ولهجاتها، والبحث في نقاط التقارب القابلة لأن تصبح أرضية وفاقية، مع أن الراجح أن المشكل الذي بدأ بخلافات إقليمية، لا يمكن تجاوزه والتغلب على مضاعفاته من دون تلمس حل إقليمي يساعد الأمم المتحدة في حلحلة المواقف. لكن الغريب أن الأمين العام للأمم المتحدة الذي كان يدعو ذات الأطراف إلى التعاون في ما بينها أولاً، ثم الأمم المتحدة تبعاً لذلك، وجد نفسه بسبب تصريحات وصفها أنها «شخصية» في حاجة لأن يقدم بدوره صورة أفضل لنوعية وطبيعة التعاون الذي يدعو إليه.
ومعنى ذلك أن الأزمة بين الرباط وبان كي مون لا تعدو أن تكون الوجه الآخر للصعوبات الحقيقية التي أعاقت التسوية السياسية منذ عقود. مع فارق أنها كانت تملي توصيفات العقلانية والواقعية على الآخرين، وأضحت في حاجة لأن تقدم المثل الذي يجب أن يحتذى به. ولئن كانت الجزائر وجبهة «بوليساريو» والرباط اعترضت في وقت سابق، كل بطريقتها، على آليات ومجالات تدبير الملف من طرف الأمانة العامة أو الموفدين والوسطاء الدوليين، فإن المحطة الراهنة تبدو أكثر احتداماً، كونها تكشف عن نقص في الإلمام بالحقائق على الأرض وفي خلجان خلفيات النزاع الذي يبدو وكأنه وجد ليبقى ويستمر.
انفجر نزاع الصحراء على مقاس تداعيات الحرب الباردة التي تغذت على مائدة خلافات النظم والاختيارات السياسية والإيديولوجية، واتسع بمنطق التنقيب عن أسباب التناقضات العربية-العربية، وتوارى إلى الخلف يوم رشح الاعتقاد بإمكان الإفادة من تحولات عولمة الانفتاح التي صارت بديلاً لعولمة الأزمات. وفي كل ذلك لم تعثر الأمم المتحدة بعد استلامها الملف إلا على مزيد من الألغام القابلة للانفجار عند كل تماس.
أي علاقة بين الأزمة القائمة بين الرباط وبان كي مون، وانسحابها على الوضع القانوني الوفاقي لمهمات بعثة «المينورسو» في المنطقة؟ فهي ترى وقف النار الذي يسري مفعوله منذ العام ١٩٩١، ولا تزيد على ذلك قيد أنملة بالنسبة للجانب الآخر المتعلق بالتسوية السلمية، لأن المفاوضات الدائرة أو العالقة تتم على نطاق آخر بين الأطراف المعنية والأمم المتحدة في نيويورك والعواصم ذات التأثير.
تحمل الأمم المتحدة قسطاً أكبر من المسؤولية السياسية، كونها ارتضت تغيير مسار التسوية، من دون أن يرافقه تغيير ملموس في الآليات وطرق التعاطي. ذلك أن مفهوم «الحل السياسي» الذي تضمنته جميع قرارات مجلس الأمن الدولي على امتداد ما يناهز العشر سنوات يحيل على منظور ثالث ذي بعد وفاقي، لا يكرس الضم النهائي للمحافظات الصحراوية من طرف المغرب، ولا يدعم انفصالها عنه. وبالتالي فإن الأزمة القائمة محورها تباين التأويلات والقراءات السياسية والقانونية.
وطالما أن العودة إلى الحل الإقليمي تبدو عسيرة، فإن البداية حين تنصرف إلى معاودة تقويم دور ومسؤوليات بعثة «المينورسو» تصبح أقرب إلى إزالة الكثير من الغيوم وإن عبر الأمطار الاصطناعية التي تبددها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الرباط وبان كي مون بين الرباط وبان كي مون



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 05:17 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

نبات "الكافا" أفضل تكملة لتحسين الحالة النفسية

GMT 19:13 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جون سينا يرتدي ملابس نيكي بيلا ويقلدها بشكل غريب للغاية

GMT 00:44 2017 الخميس ,27 إبريل / نيسان

منة شلبي تتحدث عن دورها في مسلسل "واحة الغروب"

GMT 17:20 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكاف" يكشف موقفه من حركة عماد متعب المثيرة للجدل

GMT 02:37 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الأحمر لمسة جديدة تقتحم موضة ملابس الرجال لموسم شتاء 2016

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 10:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

عين الجمل وصفة سحرية للذكاء والجنس والحمية والسرطان

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 03:20 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سيدة الصين الأولى تلتقي زوجة رئيس الوزراء البريطاني
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya