هولاند في المغرب مواصلة الترميم والتدعيم

هولاند في المغرب... مواصلة الترميم والتدعيم

المغرب اليوم -

هولاند في المغرب مواصلة الترميم والتدعيم

محمد الأشهب

تختلف زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند المرتقبة للمغرب عن سابقاتها التي دأب عليها سادة قصر الإليزيه، مباشرة بعد تحملهم المسؤولية. فالمنطقة المغاربية تحظى في أجندة الرؤساء الفرنسيين من اليسار ووسط اليمين باهتمام أكبر، كونها مركز النفوذ التقليدي الذي تقايض به باريس في ترتيبات توازنات في الشرق الأوسط وغيره.

ما يزيد أهمية البعد الاستراتيجي لسياسة فرنسا حيال فضاء الشمال الأفريقي أن التطورات الناجمة عن إبرام الاتفاق الإيراني ومجموعة 5+ ألمانيا، تفسح المجال أمام انبثاق تصورات جديدة في علاقة الغرب بالعالمين الإسلامي والعربي. وفي كل مرة تندفع فيها واشنطن نحو امتلاك مواقع نفوذ في الشرق الأوسط، يلوذ الفرنسيون إلى البحث في ترسيخ علاقات أكثر انفتاحاً على الشركاء المغاربيين. ولا يمكن إغفال الحسابات التي تدور في أذهان مهندسي هذا الانفتاح إزاء مستقبل الأوضاع في ليبيا التي يرجح أن تكون موضع منافسة صامتة بين الأميركيين والفرنسيين.

بهذا المعنى يبدو الدور الذي اضطلعت به الرباط، على طريق حلحلة الأزمة في ليبيا، وإن لم يصل إلى درجة متقدمة في اتفاق الفرقاء المتناحرين، مثار اهتمام، كونه يعاود فكرة الحل الإقليمي للأزمة الليبية إلى الواجهة. وكما حرص الرئيس هولاند أثناء الزيارة الثانية للجزائر على تلمس حدود الدور الإقليمي لبلدان الجوار، فإن الملف الليبي سيكون ضمن أولويات القمة المغربية – الفرنسية، خصوصاً أن زعيم «الجمهوريين» الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بدأ حملة منافسة من المنطقة المغاربية، ضمن ما عرف عن دوره في إطاحة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

لا يعير الفرنسيون اهتماماً أكبر لحالة «الغيرة» التي تطفو على السطح، فكلما أبدوا انفتاحاً على الجزائر يقابله الأصدقاء المغاربة بتساؤلات متحفظة. وعكس ذلك يحدث عندما ترتقي علاقاتهم مع الرباط إلى تطلعات التحالف الاستراتيجي. مصدر ذلك أن مفهوم التوازن يحدد آليات وشروط التعامل والبلدين الجارين. إلا أن ذلك لا يلغي واقع أن باريس تميل أكثر إلى دعم موقف الرباط في حل نزاع الصحراء على قاعدة خطة الحكم الذاتي. ولم يكن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك مغالياً حين وصف المحافظات الصحراوية في خطاب رسمي أنها «امتداد للأقاليم الجنوبية المغربية»، بينما يحتفظ الرئيس فرانسوا هولاند بمبدأ التوازن الدقيق حيال هذه القضية.

قبل أيام تسربت تقارير اقتصادية تفيد بأن إسبانيا باتت تزاحم فرنسا في صدارة تعاونها الاقتصادي والتجاري مع المغرب. ويقول رجال أعمال مغاربة وفرنسيون أن الأزمة السياسية التي اجتازتها العلاقات بين باريس والرباط العام الماضي، أثرت في مسار الشراكة القائمة بين البلدين. إلا أن أهمية هذه التقارير أنها تذكر بقرار سابق كان اتخذه المغرب على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، يوم نزع عن باريس صفة احتكار مجال التجارة الخارجية، على خلفية أزمة مماثلة مع باريس، ومكن الإسبان والإيطاليين والبرتغاليين من حظوظ متساوية في الإفادة من المعاملات التجارية والاقتصادية.

لا يرغب هولاند في أن ترتبط ولايته باستمرار تصدع العلاقات مع الرباط، فقد ذهب إلى الجزائر لاستشراق آفاق المستقبل، وأبدى تفهماً إزاء ملاحظات مغربية أدى ضمن تفاعلاته الإيجابية إلى إبرام اتفاق قضائي جديد، لتجاوز مضاعفات استدعاء القضاء الفرنسي المسؤول الأول عن الاستخبارات الداخلية عبداللطيف الحموشي في ملف مزاعم حول ممارسة التعذيب. والظاهر أن قرار توشيح الأخير بوسام فرنسي رفيع، كما أعلن عن ذلك وزير داخلية فرنسا، سيكون ضمن أجندة زيارته المرتقبة للرباط.

أبعد من الرغبة في طي ملف الخلافات بين باريس والرباط أن تنامي الظاهرة الإرهابية في العالم العربي وتطاير شظاياها نحو عواصم غربية، كانا من بين الأسباب التي أدت إلى تسريع خطوات الانفراج بين المغرب وفرنسا. ولعل ما عجزت المساعي الديبلوماسية عن تدبيره كان من نصيب أعمال العنف والإرهاب التي أضحت تحتم التقارب والتنسيق. فقد أبدى الفرنسيون انشغالاً متزايداً بالتهديدات الأمنية والإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، وتوصلت باريس إلى اقتناع مفاده أن دعم التوجهات الأفريقية للرباط، إنما يندرج في نسق يوازي التطلعات الفرنسية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحدائقها الخلفية التي لا تريد تركها لأي توازنات خارج معادلة الجغرافيا السياسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هولاند في المغرب مواصلة الترميم والتدعيم هولاند في المغرب مواصلة الترميم والتدعيم



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 05:17 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

نبات "الكافا" أفضل تكملة لتحسين الحالة النفسية

GMT 19:13 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جون سينا يرتدي ملابس نيكي بيلا ويقلدها بشكل غريب للغاية

GMT 00:44 2017 الخميس ,27 إبريل / نيسان

منة شلبي تتحدث عن دورها في مسلسل "واحة الغروب"

GMT 17:20 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكاف" يكشف موقفه من حركة عماد متعب المثيرة للجدل

GMT 02:37 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الأحمر لمسة جديدة تقتحم موضة ملابس الرجال لموسم شتاء 2016

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 10:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

عين الجمل وصفة سحرية للذكاء والجنس والحمية والسرطان

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 03:20 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سيدة الصين الأولى تلتقي زوجة رئيس الوزراء البريطاني
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya