لماذا تعدل القوانين

لماذا تعدل القوانين؟

المغرب اليوم -

لماذا تعدل القوانين

بقلم - عبد العالي حامي الدين

من المقولات التي تروج على هامش النقاش الدائر حول تعديل النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية، هناك مقولة “تفصيل القانون على المقاس” أو مقولة “التلاعب بالقانون”، إلى غير ذلك من المقولات التي تعتبر أن النظام الأساسي للحزب هو بمثابة قواعد قانونية جامدة، وأي تعديل فيها هو مس بأحد أعمدة الديمقراطية الداخلية للحزب.
ومع احترامي لهذا الرأي، وبغض النظر عن موقفي الشخصي من قضية الولاية الثالثة من عدمها، حيث سبق لي أن عبرت بأن جميع الآراء المعبر عنها سواء منها المعارضة أو المؤيدة هي آراء محترمة، تستند على تقديرات وترجيحات معينة، ويبقى الغرض من ورائها، أساسا، تحقيق المصلحة وأي اختلاف في هذا الموضوع ينبغي الرجوع فيه إلى المؤسسات، فهي الفيصل في القضايا المختلف فيها، وقراراتها ملزمة للجميع.
لكن الأهم بالنسبة إليّ هو ضرورة التساؤل عن السياقات السياسية والأسباب الموضوعية التي دفعت البعض إلى التفكير في تعديل القانون، فمن المؤكد أن هناك حاجة سياسية موضوعية دفعت إلى ذلك، وهو ما يعطي لهذا النقاش مشروعيته الكاملة.
ما يهمني في هذا المقال من الناحية النظرية هو الرجوع بفكرة تعديل القوانين إلى أصولها الحقيقية، ذلك أن النظرية العامة للقانون تطورت عبر مسار تاريخي طويل، وراكمت في هذا المسار الطويل الكثير من الأفكار الفلسفية والنقدية على درجة عالية من الأهمية بين اتجاهات مثالية، وأخرى وضعية وواقعية وغيرها. وفِي هذا السياق برزت مدرسة علماء اجتماع القانون الذين اهتموا بالواقع المادي والاجتماعي للقانون، واهتموا برصد أصداء قانون معين وردات فعل الناس وآراء المجتمع حول مشروع قانون معين…، بينما اهتم فلاسفة القانون بجوهر القانون واعتنوا بالمفاهيم، وفِي الوقت الذي اهتم علماء اجتماع القانون بالموضوعية والواقعية في تحليل الأمور، اعتنى فلاسفة القانون بإطلاق أحكام قيمية (حكم عادل، حكم ظالم).. وهو ما شكل امتدادا للفلسفة المثالية التي اهتمت بما ينبغي أن يكون والتعالي على ما هو كائن، ولذلك رفضت المدرسة الواقعية الأمريكية لرائدها كلسن إطلاق أي حكم قيمي على القانون، معتبرة أن أي مقاربة فلسفية للقانون تندرج ضمن إطار الميتافيزيقا القانونية، وأن العلم القانوني لا يمكن أن يكون إلا علماً للقانون الوضعي.
ومن هنا نلاحظ بأن طفرة القوانين والأنظمة والنصوص القانونية التي سادت في أوروبا وأمريكا بفعل ترسخ قيمة الشرعانية والقواعدية، واكبها اهتمام متزايد برصد آثار القانون في الواقع “على الأرض”، أي البحث في النتائج العملية وفِي مدى فعالية القوانين وآثارها على الظواهر المراد معالجتها ..
وهو ما أدى إلى تعزيز الوضعانية الواقعية ودفع بالمؤسسات التشريعية إلى الاهتمام، قبل إصدار القوانين والأنظمة، بالمعطيات علم اجتماعية والمؤشرات الاقتصادية ونتائج الدراسات الميدانية في مختلف الاختصاصات (سيكولوجيا، طب، بيئة) ودراسة الآثار المتوقعة من اعتماد تشريعات معينة، وهكذا برز في الستينيات من القرن الماضي كتابات في السوسيولوجيا القانونية مثل Jean Carbonnier ، ساهمت في بروز تيار سوسيولوجي تشريعي يحذر من الفرق الشاسع بين النص القانوني وواقع الحال..
إن القوانين الوضعية في الحقيقة لا يمكن إلا أن تعبر عن واقع الحال، ولا يمكن أن تكون إلا على مقاس الظواهر المعنية…
فهمتِينِي ولا لا…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تعدل القوانين لماذا تعدل القوانين



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 09:48 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

ماريوت الرياض يحصد جائزة أفضل فندق على مستوى السعودية

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية تضرب الحسيمة ليلا بقوة 3,2 درجة

GMT 10:50 2018 الأحد ,11 آذار/ مارس

محمود المليجي أنطوني كوين العرب

GMT 02:28 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

زين العبادي تتحدث عن فن "الفونغ شوي" وأهميته في المنزل

GMT 12:51 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

ماكياج كايلي جينر لعام 2017 يحدد هل كنتي شقية أم لطيفة

GMT 02:05 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفالات تعم زمبابوي بعد إعلان استقالة موغابي

GMT 22:47 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

حلم كأس العالم يعود يا إماراتيون

GMT 09:15 2016 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

شابة تجدل شعرها بالمقلوب لتحصل على تسريحة شعر كالسنبلة

GMT 17:07 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

انخفاض متوقع لأسعار المنازل في كوريا الجنوبية عام 2017

GMT 17:16 2014 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

كلب من نوع "بيتبول" يهاجم باحث مكلف بالإحصاء

GMT 05:50 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

المطرب يوري مرقدي يكشف عن أسباب عودته إلى التمثيل

GMT 15:35 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار سيارة بنتلي بينتايجا 2016 في المغرب

GMT 05:33 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

نسخة من جيب رانجلر مقتبسة من سلسلة أفلام Star Wars
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya