الإعلام والسياسة

الإعلام والسياسة

المغرب اليوم -

الإعلام والسياسة

عبد العالي حامي الدين
الصحافي يبحث عن المعلومة جريا وراء سبق صحافي ينال به المزيد من المتابعة والاهتمام ويربح قراءا جدد، أما السياسي فهو يتكتم على المعلومة، حرصا منه على نجاح المفاوضات، وتجنبا منه لكل ما من شأنه التشويش على سيرها العادي. علاقة الإعلام بالسياسة علاقة معقدة، خصوصا عندما يكون الصحافي مرتهنا برجل السياسة، ومعتمدا عليه في تجميع الأخبار وفهم الأحداث وتحليل خلفياتها، اعتمادا على المعطيات التي يتلقاها منه بشكل مباشر، وبصفة خاصة في بعض المراحل الدقيقة، مثل ما نعيشه حاليا على هامش مفاوضات تعديل الحكومة. الصحافي يبحث عن المعلومة جريا وراء سبق صحافي ينال به المزيد من المتابعة والاهتمام ويربح قراءا جدد، أما السياسي فهو يتكتم على المعلومة، حرصا منه على نجاح المفاوضات، وتجنبا منه لكل ما من شأنه التشويش على سيرها العادي وسط بنية سياسية لازالت محكومة بالكثير من الهشاشة، والضحية هو المواطن العادي المهتم بمتابعة أحوال بلده، الذي يجد نفسه أمام سيل من الأخبار المتناقضة والإشاعات التي تكذبها إشاعات أخرى في اليوم الموالي. أين المشكلة بالضبط؟ الصحافة في المغرب ليست كلها ذات أهداف إخبارية نبيلة، ولم يعد يخفى على أحد أن العديد من الصحف المكتوبة، والمواقع الإلكترونية، تشتغل وفق أجندة سياسية واضحة معادية لمسار التحول الديموقراطي، بعيدا عن قواعد المهنية والاحترافية المطلوبة في العمل الإعلامي، بل تحولت إلى وسيلة من وسائل الدعاية ضد هذا الطرف أو ذاك، وهي تعبر عن مصالح مراكز نفوذ سياسية واقتصادية مقاومة للإصلاح، وتسخر كل إمكانياتها للحفاظ على الوضع القائم. طبعا ليس الغرض من وجود صحافة حرة في أي مجتمع هو الاكتفاء بنقل الخبر للمواطن وتزويده بالمعلومات المتنوعة من عالم السياسة والاقتصاد والثقافة والفن والرياضة..، بل من واجبها إحراج صانع القرار أمام الرأي العام، ونقد سياساته وإبراز تناقضاته وعيوبه وفضح تجاوزاته، لكن بطريقة مهنية تحترم قواعد المهنة، وتقدس أخلاقياتها وتحترم ذكاء القارئ قبل كل شيء. في المغرب، لم تنجح التحولات السياسية الجارية في دفع وسائل الإعلام إلى الإسهام في تطوير النقاش العمومي وضخ جرعات ديموقراطية جديدة في الحياة السياسية، بل هناك طلب واضح على التحكم والاستبداد من طرف بعض المنابر الإعلامية التي من السهل التحقق من تبعيتها العمياء لبعض مراكز النفوذ السياسية والاقتصادية، رغم حجم التعقيدات التي تلف مجال الصناعة الإعلامية اليوم، والتي تحيط بها إكراهات عديدة تجعل من الصعب الفصل بين المال والإعلام والسياسة. هذه الأبواق بدأت تفقد مصداقيتها، نظرا لحجم الكذب والبهتان الذي تمارسه بشكل مكشوف، ذلك أن عنصر الزمن والمتابعة الدقيقة كفيلة بفرز المنابر الإعلامية الجادة التي تستطيع أن تفرض مصداقيتها بالتثبت من صحة المعلومات وبعدم التحيز لهذا الطرف أو ذاك، والتأكد من استقلاليتها عن مصادر التوجيه المالي والسياسي التي تنزع نحو التحكم في وسائل الإعلام، والأهم من كل ذلك هو الانتصار لقيم الديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية. خطورة أبواق الدعاية تكمن في سعيها لبناء قيم جديدة، تتناقض تماما مع القيم المطلوبة في المراحل الانتقالية، فعوض العمل على نشر قيم الديموقراطية وترسيخ ثقافة احترام حقوق الإنسان والتعددية والقبول بالآخر ونبذ روح الإقصاء والتعصب للرأي والكشف عن مظاهر الفساد والرشوة والتلاعب بالمال العام وتحليل أسبابه، تجنح هذه المنابر إلى التشهير والقذف والتخوين ومحاولة شيطنة تيار سياسي بعينه. الطريق إلى الديموقراطية ليس طريقا سهلا، ومهمة الصحافة في تجارب التحول الديموقراطي مهمة أساسية. في حلقة قادمة نناقش «مؤسسة السر» داخل البنيات السياسية والحزبية، مع محاولة فهم أسبابها وخلفياتها ومدى خدمتها للمسار الديموقراطي ببلادنا. نقلاً عن جريدة "أخبار اليوم" المغربية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام والسياسة الإعلام والسياسة



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 17:28 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الوضع مناسبٌ تماماً لإثبات حضورك ونفوذك

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة تمنعك مِن النوم ليلًا عليك الابتعاد عنها

GMT 14:54 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

السجن أربع سنوات لطالب بسبب فيديو حول الملك

GMT 07:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العقوبات الأميركية تطال وزير الداخلية الكوبي

GMT 11:15 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أولغا توكارشوك تفوز بجائزة نوبل في الآداب لعام 2018

GMT 19:09 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

أجمل أساور ذهب عريضة من مجموعات مجوهرات 2020
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya