الهلال الروسي

الهلال الروسي

المغرب اليوم -

الهلال الروسي

عبد الرحمن الراشد

بزيارة نوري المالكي، رئيس وزراء العراق إلى موسكو، زادت المسافة ابتعادا بين بغداد وواشنطن، التي صنعت نظامها السياسي الحالي. أكثر من أربعة مليارات دولار، هي فاتورة مشتريات المالكي من السلاح الروسي. السلاح - عدا عن أنه حاجة عسكرية - هوية سياسية، يعبر عن ارتباط استراتيجي خاصة عندما تكون المفاضلة بين نظامين متنافسين. على طاولة عقود السلاح، هناك الخبراء والمدربون وشبكة الخدمات، مع التصاق سياسي. وأحد الإشكالات التي تواجه تمويل ثوار سوريا اليوم صعوبة الحصول على سلاح روسي نوعي وبكميات كبيرة، كل المنشقين عن الأسد من عسكرها مدربون على استخدام السلاح الروسي، مما جعل مهمة الأطراف الممولة صعبة لتوفير الأسلحة والذخيرة التي تدرب المنشقون على استخدامها لسنوات. باقتراب العراق من المعسكر الروسي تكون موسكو قد عوضت خسارتها الكبيرة في ليبيا، حيث أقصاها الثوار بسبب دعمها نظام القذافي سياسيا وعسكريا أثناء الثورة، كما تفعل الآن مع نظام بشار الأسد في سوريا. وبانقلاب المالكي على واشنطن بذهابه إلى موسكو صرنا أمام محور جديد، يتمثل فيما كان يسمى بالهلال الشيعي، يبدأ من إيران فالعراق وحتى سوريا ولبنان. إلا أن سوريا حالة مؤقتة، كما يعترف بذلك فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة «روسيا في الشؤون الدولية»، الذي يقول «من الصعب تصور أن بشار الأسد يتمتع بفرص واقعية للبقاء في السلطة على مدى بعيد بعد كل ما حدث في بلاده في الأشهر العشرين الأخيرة». ولوكيانوف محق عندما يحتفل بانتقال العراق إلى الصف الروسي ويعتبره انتصارا سياسيا واقتصاديا كبيرا لموسكو. إنما لست متأكدا أنه سيكون ربيعا سهلا على المالكي نفسه الذي يغامر كثيرا بالالتصاق بالروس والإيرانيين. الأميركيون يرون فداحة الخطأ الذي ارتكبوه بدعم المالكي، معتقدين أنهم يناصرون بذلك أغلبية السكان في العراق. إصرارهم على تفسير الأحداث السياسية في المنطقة من منظور إثني قادهم إلى تسليم العراق إلى الخصمين، إيران وروسيا. فمن الخطأ تصوير ما يحدث بالعراق، أو حتى بسوريا اليوم، على أنه جماعات تتقاتل طائفيا، حتى لو كانت التقسيمات الديموغرافية، سنيا وشيعيا، تدلل على ذلك. تحالفات الأنظمة ظلت في معظمها ذات أبعاد مصالح سياسية، قد تتفق أحيانا مع المفاهيم الدينية وقد لا تتفق. إيران، كدولة ثيولوجية شيعية، هي أكبر حليف لتنظيم القاعدة السني، وسبق أن تحالفت مع جماعات سنية سياسية مثل الإخوان المسلمين ضد أنظمة سنية رئيسية في المنطقة. والخطأ الثاني المكمل، أن واشنطن ظنت أنه يمكن أن تدير علاقة براغماتية مبنية على التوازن والمصالح مع إيران في العراق لمواجهة «القاعدة» والجماعات السنية المسلحة وبقايا البعث، لأن هذه الجماعات عدو مشترك. واشنطن لم تدرك إلا متأخرة أن إيران وراء الجماعات السنية المسلحة، كما كانت وراء بعض الجماعات الشيعية المسلحة أيضا. إيران تملك مشروعا منافسا للولايات المتحدة ولديها خريطة طريق معاكسة السير. ولأن الحديث يطول عن حروب وتحالفات السنوات العشر في العراق، وقد أصبح تاريخا وراءنا، فإن الأهم هو محاولة فهم مستقبل العلاقة الجديدة، إيران وعراق المالكي وروسيا. سوريا هي الرابط بينها، حيث يجتهد الثلاثي لدعم نظام الأسد في وقت يقدم فيه الأوروبيون والأميركيون القليل لمساندة الثوار. وعلى الرغم من بطء الانتصار فإن نهاية اللعبة في سوريا معروفة، سيخسر الحلف الروسي لأن الأسد سيسقط، وقد تنتقل الأحداث لاحقا إلى العراق. والأسباب معروفة، ففي العراق بركان يوشك على الانفجار بسبب تمادي المالكي في الهيمنة على مفاصل الدولة جميعا، وإهانته حلفاءه الذين دخلوا معه في محاصصة الحكم. لهذا ينفق المالكي بكرم على نظام الأسد، يريد إنقاذه، ويقوم بدور الممول المالي لمشاريع إيران الخارجية، مثل دعم حزب الله، بعد أن أصبح الإيرانيون في ضائقة مالية تهدد أسس النظام وبقاءه. الحلف الروسي الذي يتشكل في الشرق الأوسط يعني أننا أمام عودة القطبين، وينذر بالمزيد من المشكلات وليس استقرار التوازن، كما يظن البعض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهلال الروسي الهلال الروسي



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 15:03 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 13:36 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"Weta" العملاقة أكبر حشرة على سطح الكرة الأرضية

GMT 23:23 2015 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

صهر اردوغان يترشح للانتخابات التشريعية في تركيا

GMT 06:52 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

زيزي عادل تحتفل بعيد ميلادها بشعرها القصير

GMT 22:25 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

"القرموطي في أرض النار" يثير أزمة كبيرة قبل طرحه
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya