هل لدى الفلسطينيين ما يفعلونه 22

هل لدى الفلسطينيين ما يفعلونه؟ (2-2)

المغرب اليوم -

هل لدى الفلسطينيين ما يفعلونه 22

بقلم - عريب الرنتاوي

مضى على تبني الحركة الوطنية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير لـ»البرنامج المرحلي» ما يقرب من نصف قرن، خمسة وأربعون عاماً بالتمام والكمال... لا عودة اللاجئين تحققت ولا أمكن للشعب الفلسطيني ممارسة حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ... لكنها – الحركة الوطنية – نجحت في بعث الهوية والكيانية الفلسطينيتين من دون شك، وعززت «الحس بالانتماء الجمعي» للفلسطينيين في مختلف أماكن انتشارهم، ووضعت المسألة الفلسطينية على جدول أعمال الإقليم والمجتمع الدولي، وكرست منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً لشعبها، وتلكم إنجازات لا يجوز التهوين من شأنها ولا التهويل في قيمتها، يتعين حفظها وتطويرها، وصولاً للحرية والتحرر والانعتاق.

في البدء، ارتبط إقرار البرنامج المرحلي، بنظرية التدرج وحسابات «موازين القوى»، وبعد أوسلو، وربما قبله، صار «المرحلي» «نهائي»، و»التكتيك «استراتيجية»، وأظهر مسلسل المفاوضات المديدة والمريرة التي خاضها الفلسطينيون مع سلطة الاحتلال، استعداداً فلسطينياً للهبوط بسقف التوقعات والرهانات ... فالدولة «القابلة للحياة»، يمكن أن تكون حلاً وسطاً بين «الاحتلال» و»الدولة المستقلة»، و»معايير كلينتون» لحل مشكلة اللاجئين، باتت سقفاً لتوقعاتهم، وليست حداً أدنى لبدء التفاوض، وجاءت مبادرة السلام العربية لتعطي إسرائيل حق النقض «الفيتو» في بندها الخاص باللاجئين ... واليوم، وفي ظل إدارة اليمين الشعوبي -الانجيلي في واشنطن، وحكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، يجري إخراج القدس والدولة والسيادة واللاجئين وخط الرابع من حزيران من التداول.

حتى المكتسبات التي حققتها الحركة الوطنية ودفع الشعب الفلسطينية أثماناً باهظة لها، تبدو اليوم عرضة للتهديد والتبديد ... فلسطينيو الشتات السوري واللبناني والعراقي، قطعوا شوطاً طويلاً في مشوار اللجوء الثاني إلى المنافي البعيدة ... الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كتله الرئيسة يتحرك وفقاً لمؤثرات وديناميكيات مستقلة بعضها عن بعض، تتهدد وحدة قضيته وأطره وأولوياته وهويته ... والمنظمة التي قيل فيها أنها «وطن الفلسطينيين إلى أن يتحرر وطنهم»، لم تعد كذلك بالنسبة لملايين الفلسطينيين، الذين لا يعرفونها، ولا يرتبطون بها بأي صلة واقعية وعملية، باستثناء كونها شعاراً ضبابياً، يرتبط في أذهانهم أكثر فأكثر بالترهل والشيخوخة وضعف الأداء، إن لم نقل بالفساد والإقصاء.

وجاء صعود حماس، ومعها الانشقاق الأخطر والأطول والأعمق في صفوف الشعب الفلسطيني، ليزيد الطين بلّة ... وليجعل من فرص استعادة الوحدة واستنهاض الحركة الوطنية، عرضة للتبديد والضياع، وليدفع الشعب الفلسطيني من سمعته ومكانة قضيته وقدرته التعبوية والكفاحية ومن التفاف العالم من حوله، أفدح الأثمان.

في ظني، أن على الفلسطينيين التفكير بجدية، وبما لأول مرة بأعلى درجات المسؤولية، في استعادة ما كانوا قد بدأوا به ... ربما يكون الأمر ضرباً من الخيال أو «الفانتازيا»، ولكن في ظني أن مآلات الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي ومقتضيات النهوض بالحركة الوطنية الفلسطينية و»تشبيبيها» واستعادة حيويتها، ربما تستوجب العودة إلى ما كنا نسميه «الحل الديمقراطي للقضية الفلسطينية»، إلى « الدولة الواحدة»، وخوض غمار النضال المرير ضد الصهيونية بما هي نظام للتمييز العنصري، وبما يحفظ الحقوق الفردية والجمعية للجميع، وفي إطار مبادرة هجومية، تبني على يقظة الرأي العام لا للمظلومية الفلسطينية فحسب، بل ولعدالة وتقدمية وإنسانية النضال الفلسطيني والمطالب الفلسطينية المشروعة.

تقتضي هذه «العودة للبدايات» أول ما تقتضي، إعطاء أولوية لتعزيز صمود الفلسطيني فوق ترابهم الوطني، تلكم مسألة لا تتقدم عليها أية مسألة أخرى، لمواجهة خطط التهجير القسري، الفردي والجماعي، تحت الضغط الأمني والاقتصادي... مثل هذا «التحول» يقتضي إعادة النظر في وجود السلطة الوطنية، أو إعادة تعريف وظائفها، على طريق إلقاء تبعات الاحتلال ومسؤولياته على كاهل سلطة الاحتلال، بدل أن الاستمرار في وضعية «الاحتلال المريح والمربح»... مثل هذا التحول يقتضي إعادة النظر في كثير من المؤسسات والمفاهيم، التي نشأت وتكيفت مع مشروع وصل أو يكاد يصل إلى جدار مسدود.

لا يتسع المقام للإجابة على جميع الأسئلة المرتبطة بفكرة «العودة إلى ما بدأنا به»، ربما يقال خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، وربما يقال إن ظهر الفلسطينيين بات إلى جدار، وإن استمرار المسار الذي بدأ منذ 45 عاماً، لن يوقف حبل التنازلات والتراجعات ... وربما يقال أننا نقترح القفز من فوق «المهمة الصعبة»: انتزاع الدولة المستقلة إلى «المهمة المستحيلة»: «الحل الديمقراطية للمسألة الفلسطينية»، وكل فرضية من هذه الفرضيات تنطوي على قدر متفاوت من الجدية والوجاهة، ولذلك أرجو اعتبار هذه المقالة، دعوة للحوار والتفكير الجادين، ومن خارج الصندوق، حتى لا نظل نجتر ذات الأفكار والتصورات التي مضى عليها نصف قرن أو أقل قليلاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل لدى الفلسطينيين ما يفعلونه 22 هل لدى الفلسطينيين ما يفعلونه 22



GMT 15:02 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 16:11 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

من يفوز بالرئاسة الاميركية هذه المرة

GMT 17:21 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

ايران وحادث الطائرة الاوكرانية

GMT 14:46 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

من دونالد ترامب الى اسرائيل

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 17:28 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الوضع مناسبٌ تماماً لإثبات حضورك ونفوذك

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة تمنعك مِن النوم ليلًا عليك الابتعاد عنها

GMT 14:54 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

السجن أربع سنوات لطالب بسبب فيديو حول الملك

GMT 07:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العقوبات الأميركية تطال وزير الداخلية الكوبي

GMT 11:15 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أولغا توكارشوك تفوز بجائزة نوبل في الآداب لعام 2018

GMT 19:09 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

أجمل أساور ذهب عريضة من مجموعات مجوهرات 2020

GMT 03:01 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

الأبيض والأسود يسيطران على الحضور اعتراضًا على التحرش

GMT 11:39 2014 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

"شيفروليّة" تطلق الجيل الجديد من "كامارو" في 2016
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya