فخامة الرئيس الابن

فخامة الرئيس الابن؟!

المغرب اليوم -

فخامة الرئيس الابن

عريب الرنتاوي

قبل أيام، وفي ذروة التغطية الإعلامية لارتفاع أسهم زعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية في بازار الرئاسة اللبنانية، كنت أشاهد عرضاً صباحياً لأقوال الصحف على إحدى القنوات الفضائية اللبنانية، حين تفاجأت بـ “مانشيت عريض” يتحدث عن انتقادات لاذعة يوجهها فرنجية لسلام ... ظننت لوهلة أن “طبخة” ترشيح فرنجية قد “شاطت”، وأن الرجل بدأ بفتح النار على تيار المستقبل، بدءاً برئيس الحكومة، تمام سلام، لكن ما هي إلا برهة من الوقت، حتى تبيّن لي أن فرنجية المقصود في المانشيت، هو سليمان فرنجية الجد، الرئيس الأسبق للبنان، وأن سلام المقصود هو سلام الأب، “صائب بيك” الذي اشتهر بقرنفلته الحمراء وسيجاره الكوبي الذي لا يفارقه، وصاحب العبارة الأشهر في تاريخ لبنان المعاصر: لا غالب ولا مغلوب. 
نحن إذن أمام نموذج متفرد لـ “الإقطاع السياسي”، حيث تتجدد النخب أو يُعاد تدويرها بالأحرى (سيما وأن لبنان ما زال عالقاً في أزمة النفايات)، من داخل العائلات الإقطاعية الصغيرة ذاتها، أما المتطفلون من خارج صفوف هذه العائلات، فعليهم أن يثبتوا جدارة مدهشة، للحصول على عضوية هذا النادي المغلق، وبالأخص، أن يتحصّلوا على “كتب اعتماد” من مراكز عربية وإقليمية ودولية، شديدة التأثير والتحكم بمجريات الأحداث اللبنانية. 
سليمان فرنجية، عضو في نادي الأربعة الكبار في الوسط المسيحي/الماروني، وهو من دون شك، ممثل الكتلة الأصغر من المسيجيين، نفوذها محلي، لا يتعدى منطقتي إهدن وزغرتا، وبالكاد تجد له من المؤيدين في الأوساط المسيحيية خارج مناطق نفوذه العائلي التقليدي المتوارث ... تربطه بالجنرال ميشيل عون، علاقات تحالف سياسية وثيقة، محورها حزب الله وتحالف 8 آذار، وهو على المستوى الشخصي، الأكثر قرباً من عائلة الأسد، الأب والابن، وعلاقته بها لم تهتز أبداً، برغم تعاقب صروف الدهر وتبدل الأحوال والتحالفات والمواقع والمواقف طوال عشريات أربع من السنين. 
بينه وبين سمير جعجع، زعيم القوات اللبنانية، “حكاية ثار” قديمة، فزعيم القوات اللبنانية “متهم” بقتل والده ، والإشراف على تنفيذ العملية التي أودت بحياة طوني فرنجية وزوجته وطفلته ذات العامين، وعشرات المحازبين، لتندلع بعدها حرب المائة حتى خريف العام 1978... “الماضي” يحضر بقوة في رسم المواقف وترتيب الأولويات بالنسبة للرجلين. 
من غرائب السياسة اللبنانية، أن تيار المستقبل وحلفاءه، تذرعوا بالتحالف القائم بين الجنرال عون وحزب الله (تفاهمات مار مخايل)، لقطع الطريق بين الجنرال الطامح للرئاسة وقصر بعبدا ... اليوم، يقود زعيم تيار المستقبل، نجل الرئيس الراحل، الحريري الابن، المبادرة لترشيح فرنجية، الذي ترقى علاقاته بسوريا، إلى مستوى “ما بعد التحالف”، إلى وحدة الحال، إلى الأواصر العائلية اللصيقة (هناك من يقول إن فرنجية كان الوحيد من غير أبناء الأسد الأب، الذي كان حاضراً حول الضريح المُسجى في بيت العائلة قبل الدفن ... إلى هذا الحد) البعض قرأ موقف الحريري والمستقبل، على إنه استشفاف لمآلات الأزمة السورية ومرحلة ما بعد التدخل الروسي، وتزايد التكهنات ببقاء الأسد ونظامه بعد سنوات خمس من الحرب في سوريا وعليها ، أي بمعنى آخر، يصور المسألة كـ”إذعان حريري/ سعودي” لحقائق الميدان السوري... في ظني أنها قراءة “رغائبية” لا تمت للواقع بصلة على الإطلاق، وأحسب أن ترشيح فرنجية من قبل تيار المستقبل، إنما يعود لأنه “المرشح الأضعف، والأقل تمثيلاً) في “الرباعية المسيحية”، وهذا يفسر (وإن بأثر رجعي) أسباب رفض المستقبل القاطع، لترشيح الجنرال عون للرئاسة، كونه الزعيم المسيحي الأوسع تمثيلاً ونفوذاً بين طائفته، ثم لا بأس إن أفضى هذا الترشيح إلى اندلاع “حرب الأخوة الأعداء” داخل تحالف الثامن من آذار، وهذا “أضعف إيمان” الحريري وفريقه.
ترشيح فرنجية يضع الدكتور سمير جعجع، وهو بالمناسبة، مرشح رئاسي آخر، في وضع حرج للغاية، فمن مأمنه أوتي الحذر ... وهو يعرف ما بينه وبين تيار المردة وآل فرنجية، شخصياً وعائلياً وسياسياً، بيد أن أوراقه في مواجهة هذا الترشيح، تبدو متآكلة، سيما وأنه يأتي من قبل حلفائه الأقرب محلياً، وبرعاية وتبريك من حليفته الإقليمية الكبرى: المملكة العربية السعودية
يستيطع جعجع أن يقلب الطاولة ويخلط الأوراق، كأن يتنازل عن ترشيحه للرئاسة لصالح خصمه اللدود على امتداد ربع القرن الأخير: الجنرال ميشيل عون، لكنه سيكون بذلك، قد قامر بعلاقاته مع مروحة واسعة من حلفائه الأقربين والأبعدين، من دون أن تكون نتائج خطوة كهذه مضمونة بأي حال من الأحوال، ثم إذا كانت “مجزرة إهدن” و”حرب المائة يوم”، تخيم بظلالها الكئيبة على علاقات جعجع بفرنجية، فإن علاقات “الحكيم” بـ “الجنرال”، لا زالت تخيم عليها ظلال “حرب الإلغاء” التي انتهت باقتحام الجيش السوري للمناطق المسيحية، ونفي الجنرال إلى باريس، والزج بالحكيم في السجن لسنوات طوال.
هي مفارقات السياسة اللبنانية التي لا تنتهي، خصوصاً الوسط المسيحي، وبالأخص الموارنة، التي لخصها صديق ألماني أمامي قبل أيام في البحر الميت عندما قال: مشكلة مسيحيي لبنان في “حكيم” لم يكشف على مريض في حياته(في إشارة إلى جعجع)، ومريض لم يعرض نفسه على حكيم في يوم من الأيام (في إشارة إلى الجنرال عون) ... كان الله في عون موارنة لبنان ومسيحييه ومسلميه من سنّة وشيعة، وكافة مكوناته، فلا أحد أحسن من أحد في هذا البلد الجميل. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فخامة الرئيس الابن فخامة الرئيس الابن



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 17:28 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الوضع مناسبٌ تماماً لإثبات حضورك ونفوذك

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة تمنعك مِن النوم ليلًا عليك الابتعاد عنها

GMT 14:54 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

السجن أربع سنوات لطالب بسبب فيديو حول الملك

GMT 07:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العقوبات الأميركية تطال وزير الداخلية الكوبي

GMT 11:15 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أولغا توكارشوك تفوز بجائزة نوبل في الآداب لعام 2018

GMT 19:09 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

أجمل أساور ذهب عريضة من مجموعات مجوهرات 2020
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya