رواية حول تاريخ من البطش المخزني والثورات الموؤودة
آخر تحديث GMT 07:17:55
المغرب اليوم -

رواية حول تاريخ من البطش المخزني والثورات الموؤودة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - رواية حول تاريخ من البطش المخزني والثورات الموؤودة

رواية ” المغاربة ”
الرباط - المغرب اليوم

رواية ” المغاربة ” نص متخن بالجراح يحمل جروح المغربي وهو ينظر إلى ذاته نهارا ويتأملها ليلا.. نص روائي مركب..مكثف..من حيث اللغة و الإيحاءت والتركيب والدلالات الرمزية.. بسؤال مركزي ما المعنى أن تكون مغربيا؟ استخدم عبد الكريم جويطي طرائق سردية متعددة وبنى الكثير من الخيارات السياسية والمواقف عن علاقات الذات بالمجتمع وعن الحاضر بالماضي وعن الراهن المغربي وعن قرائن التاريخ… يمتزج كل هذا في نصوص وحكايا وتضارب للأزمنة في نص شديد التركيب والتعقيد على امتداد (400 صفحة) … يبتعد عن نمطية السرد الكلاسيكي وتصبح النهاية مقدمة في متواليات سردية أقرب منه لكتابة المخرج الأمريكي ترانتينو.

العاهات.. الحماقات.. ونزوات المغاربة وضيقهم وتناقضاتهم الصارخة لا يتردد الكاتب في الإمساك بها وتعريتها وصوغها عبر أسئلة عميقة بآليات فنية في الكتابة الروائية عمن أوصل المغاربة إلى هذه الخيبات من تراجع وإخفاقات على أكثر من مستوى وعبر هذه الهشاشات المتعددة وعبر الكثير من الحالات النفسية والإحاطات التاريخية تمتزج فيها الأسطورة بالمتخيل وبالحكائي وبالواقعي وبالسخرية من كل شيء.

 يضع الكاتب نفسه بين النقيض والنقيض ..بين كتابة الشذرية التي تعري كل شيء بروح قلقة متقلبة ” أحفظ لنفسي الحقّ في أن أكون متناقضاً، وأن أحطِّم الأنساق التي نسجن أنفسنا بداخلها. أكتب متناقضاً، أكتب الشيء ونقيضه في الآن نفسه. إنها كتابة ما بعد الكارثة حين ينهار كل شيء بداخلك ويتمزّق، ويفقد معناه، وحين تصير أنت نفسك شذرات لكلية كُنتها ولكتابٍ تناثرت أوراقه في الريح. هي كتابة الصدوع والدويّ الهائل للانهيار، والجلبة البعيدة لحياة تمضي بعيداً عني”..(ص144). ما المعنى أن يتمزق كل شيء كل بذات الكاتب ويحوله إلى كتابة شذرية؟. متسائلا بنوع من الاستنكار المبطن ” قلتُ بصوت خفيض كَمَن يلقي بحجرة صغيرة في بركة هادئة، وعن ماذا تكتب؟ (ص 144). ومن هم المغاربة؟ وهل يعرفون أنفسهم بشكل جيد عبر التاريخ النفسي لتكوينهم وانحداراتهم وخيباتهم القاسية.

يصف المغاربة انطلاقا من الجغرافيا والتاريخ وعلاقتهم بالأخر في بعدهم السيكولوجي قائلا ” بلد كطاولة نردٍ حكمه الطاعون والمجاعات أكثر مِمَّا حكمته الأسر المتعاقبة. بضربةٍ خاطفة كانوا يهزؤون بالجيش والعصبية القبلية، ويحوِّلون الديار إلى أطلال ودمن ” (ص122).

يضيف ” بلد ببحرين وأنهار جارية وأراضٍ خصبة وغاباتٍ، حَكَمَتْه الصحراء، ومنحته قادَة وزعماء ومنظّرين أشدّاء، محتدِّين دوماً، وضائعين بين النقائض، لكنهم بلا خيال ولا طموح « (ص 123) ويتساءل في كل مرة ” شعب هذا حاله كيف سيعرف النهضة ؟ “.

من الشخصيات المركزية في الرواية الأعمى والعسكري وهما شخصان معطوبان ذاقا مرارة الحياة، وهما محورا السرد وركيزته وعلى لسانهما تعدد الحكايا و يعيد الكاتب صياغة تاريخ المغاربة بألوان رمادية.. ليس التاريخ الرسمي بل تاريخ الدسائس المغطى بالسواد والدم والذي أحيط بالعتمة من قبل اليد القابضة والمتحكمة في تاريخ المغاربة…
ففي نظر الكاتب أن ما يميز الناس هو درجة الشقاء.. وهو الذي يمتزج بعمى البصر والبصيرة.. ” وكنت أشغل نفسي بجدال داخلي رهيب، ما الأرحم والأفضل لي: لو كنتُ قد ولدت أعمى. أو عماي وقد بلغت الحادية والعشرين من العمر! ومن الأفضل، أن تولد مثل آلاف الكائنات غير المبصرة التي لا تتعذب بما فقدته، أو تصاب بالعمى بعد أن تكون قد أخذت نصيباً ولو قليلاً من العالم”.

ويفضل الكاتب الليل عن النهار على اعتبار ان النهار متاح للجميع و الليل ليل الدسائس والاشتهاء والشهوة ” فإن كان النهار مشاعاً للجميع، فالليل انتقائي وأناني يصطفي خيرة الناس، فالبشرية بأرقيها ومتسكِّعِيها في الأزقة الخالية، ومشرَّديها في الحانات والمَراقص، ومتهالكيها على حاجات أجسادهم، تدين له بأفضل وأسوأ ما فيها. العتمة تحرّر وتشجّع كل شيء على إخراج ما هو حقيقة، ليلُ اللذة والأفراح والدسائس والمكائد والصفقات.. الليل الذي لا ترى فيه اليد التي تُعطي والتي تأخذ، والتي تغتال، والتي تتلمس طريقها على جسد مشتهى، لم تعرف هذه المدينة، باستثناء بيوت أندلسية قليلة، ثقافة واقتصاد الليل اسألوا أصحاب سيارات الأجرة الذين يشتغلون في الليل سيقولون لكم أشياء مذهلة عن مدينتكم ” (ص 237).

وعن المغاربة وكيف اندست فيهم طرائق الحفظ والتلقين مبتعدين كل البعد عن الاستخدام الجيد للعقل يبرز الكاتب هذه المقارفة ” كم ازدهرت الشروح في هذا البلد، وشروح الشروح، والحواشي، والمختصرات ومختصرات المختصرات، والأرجوزات التعليمية، وطمرت، شيئاً فشيئاً، المصادر! كم حفرت من خنادق عميقة بين العقل وأصول المعارف! في تلك الأوساط التعليمية المتحجِّرة والتي صاغت عقلية المغاربة لقرون، كان كل شيء قد قيل والمعاني والمعارف قد استنفدت، ولم تعُد هناك حاجة إلى بذل جهد في الإبداع والابتكار، يكفي الحفظ والقدرة على الاستظهار “. (ص 122). وعلى طول المثن المتن الروائي، يقر الكاتب أن ماساهم في تخلف المجتمع المغربي هو الاستبداد السياسي والخرافة الدينية من خلال الابتعاد عن العقل والارتهان لأوهام السلطة.

فعلى لسان الأعمى وعند آخر جملة في المتن الروائي، عندما استحضر كلمة لهوراشيو وهو يقول:”إنه زمن الجنون الكبير والعمى الهائل ياصديقي!.

إن رواية ” المغاربة ” رواية غنية برمزيتها وبعدها النفسي والدلالي والتساؤلي وهي تحفر أسئلة عميقة عن الذات المغربية عما كانت عليه وعما آلت إليه ومعها تمنح فرصة للتأمل فيها وهي «كتاب للنفوس المحطّمة، وحطامها مُزدوَج: حطام الجسد وحطام الروح الملأى بالنّدوب التي لا تشفى الروح “العالقة في مأزق الوجود ومتاهاته المؤلمة “، كما يصفها الكاتب.

قد يهمك أيضا :  

عشاق الرواية التاريخية العالمية ينتظرون إعلان الفائز بجائزة والتر سكوت

«99 ليلة في لوجار» رواية أفغانية بطابع ألف ليلة وليلة

yeslibya
yeslibya

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية حول تاريخ من البطش المخزني والثورات الموؤودة رواية حول تاريخ من البطش المخزني والثورات الموؤودة



تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 05:17 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

نبات "الكافا" أفضل تكملة لتحسين الحالة النفسية

GMT 19:13 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جون سينا يرتدي ملابس نيكي بيلا ويقلدها بشكل غريب للغاية

GMT 00:44 2017 الخميس ,27 إبريل / نيسان

منة شلبي تتحدث عن دورها في مسلسل "واحة الغروب"

GMT 17:20 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكاف" يكشف موقفه من حركة عماد متعب المثيرة للجدل

GMT 02:37 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الأحمر لمسة جديدة تقتحم موضة ملابس الرجال لموسم شتاء 2016

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 10:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

عين الجمل وصفة سحرية للذكاء والجنس والحمية والسرطان

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 03:20 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سيدة الصين الأولى تلتقي زوجة رئيس الوزراء البريطاني

GMT 18:53 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

إيناس النجار تحتفل بخطبتها على رجل الأعمال محمد محفوظ

GMT 03:24 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الفطر القضيبي يطلق محتوى مثير يشبه الهرمونات بمجرد الشم

GMT 01:23 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

إذاعة "ميكس ميغابول" تتعرض للقرصنة من قبل "داعش"

GMT 02:21 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عبير عبد الوهاب تُعلن سبب انضمامها إلى الإعلام

GMT 00:45 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة التغذية تُعطي نصائح للوقاية من أمراض الشتاء مسبقًا

GMT 11:18 2015 الجمعة ,17 تموز / يوليو

السجن لأب أسترالي زوج ابنته ذات الـ12 عام

GMT 08:53 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

علاج التوتر والقلق النفسي

GMT 00:32 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بدر بانون سعيد بالالتحاق في المنتخب المغربي
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya