يحدث عندنا ذوق أم ذائقة

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

المغرب اليوم -

يحدث عندنا ذوق أم ذائقة

رجاء بكريّة
بقلم : رجاء بكريّة

".. وهل نملك قوّة ردع تكفي للحدّ من انتشار ظاهرة الفوقيّة والاستعلاء الأخلاقي والفكري الخاويين من وفاضهما، حين تفاخران بسلطتهما المتوهّمة؟ ماذا نفعل ونحن نواجه تلك الشّلل أو تلك الشّريحة الّتي أعنيها ونحن في خلوة مع أرواحنا مثلا؟"، (رجاء. ب)

استهلال
كنتُ بدأت مقالتي هذه بموضوع غريب يحكي قصّة روايتي "عَين خَفشة" مع متجر فتّوش| حيفا وأسباب منعِهِ تسويق الرّواية، لكنّي بعد استحضار الحوار الّذي استقبلني فيه أحد العاملين هناك، اكتشفت قلّة خبرتي الخوض في ثرثرة لا معنى لها، فقط أطَمئِنُ كلّ من سأل عن الرّواية أنّها في كلّ مكان، النّاصرة والجليل بأسفلهِ وأعلاه، والجولان, وكلّ مكان لا يخطر لكم ببال.
وعليهِ،،،
 سيندرج موضوعي الأساس بطرح شكل العلاقات الّتي تجري في المحيط الثّقافي الفلسطيني، المحيط الضيّق المتفسّخ، الموزّع على جبهات وشلل لا أوّل لآخرها في فلسطين أل 48. يقودني هذا الطّرح مباشرة للأسباب الّتي تُشيعُ حالة الاغتراب القسريّة فيه. البخيل بعطاءاته، الضّحل بنوعيّة الوجوه الّتي تُدفع إلى المقدّمة أو تنحسر. وأعني تحديدا الوجوه الّتي لا علاقة لها بماهيّة الصّناعة الثّقافيّة وتَجدُها في المقدّمة مُحاولة بكلّ ما لا تملكه من خبرة أن تحشر كوعها في مجريات الحالة الثّقافيّة حتّى تحديد أسماء المؤلّفات الأدبيّة الرّائجة أو المنحرفة عن حظّ الرّفوف أو المتاجر. 
وإذ أسوق ذكرها فلأنّي أعني بالذّات، الشّريحة الّتي لا تعرف عن إنجازات أديبات وأدباء صنعوا الواجهة الثّقافيّة للأدب الفلسطيني في الدّاخل، ولا تفهم المراحل التّاريخيّة والجماليّة الّتي عبروها كي يصلوا لما هم عليه اليوم، وأعني للمرّة الثّالثة جهل هؤلاء التّام بمنجزات المرحلة، والتّواضع المثير للشّفقة في انمساخ المعرفة وعدم السّعي إليها.
هؤلاء بعينيّ هم أصل انسداد الأفق في انسيابيّة المشروع الثّقافي الفلسطيني عموما، إذا كنّا سنجيز لأنفسنا الخوض في ماهيّة ما يجري بحق، ونعتبر أنفسنا أصحاب مشروع ثقافيّ حقيقيّ. هل يعتبر عامل متجر للكتب مثلا، مفتاحا لحالة الأدب عبر الخيارات الّتي يعرضها على مرتادي رفوف متجره، أم أنّ خطّته التّسويقيّة ستخضع لعلاقاته الشّخصيّة مع الكتّاب أنفسهم؟ وهل تلعب أصابع الذّوقِ هناك أم الذّائقة دورا في فرض الكتاب المناسب؟ وأيّ المعايير نختار إذا كانت أصابع موجِّهه تقف خلف تصنيع الحالة بالإجمال. وإذ يُطرح السّؤال، هل من الضّروري أن نحدّد مسارا مفترضا للفكرة التّسويقيّة كي ندعم خيارات القارىء أم نتركه لذائقته! للإجابة على حيرتنا هذه يجب أن نملك رصيدا احتياطيّا لتمكين القارئ الحقيقي أثناء إعلان خياراته. وأعني ألّا نظلّ الطّرف السّالب في الحالة الثّقافية، فنحن كمرجعيّات أدبيّة مطالبون بطرح الخيارات الصّحيحة حتّى لا يخطئ  المتلقّي حين يحدّد ما يناسبه وما لا يمكنه التّعويل عليه في مساره التّثقيفي المفترض.
وما يجري الآن يستدعي المساءلة، ما هي القيم الجماليّة الّتي سنربّي ذائقتنا عليها وننمّيها فيمن حولنا تفاديا لحالة التّشويه الجمالي _ فكري الّتي تخوضها تلك الشّريحة حيث تنزرع في كلّ حالة ثقافية، كمتجر للكتب أو نشاط ثقافي أو حالة مسرحيّة أو حتّى تبعثرا روحيّا على أرصفة شوارع أبو النّواس مثلا خلاف الفوضى والتّشوّه؟ وهل نملك قوّة ردع تكفي للحدّ من انتشار ظاهرة الفوقيّة والاستعلاء الأخلاقي والفكري الخاويين من وفاضهما، حين تفاخران بسلطتهما المتوهّمة؟ ماذا نفعل ونحن نواجه تلك الشّلل أو تلك الشّريحة الّتي أعنيها ونحن في خلوة مع أرواحنا مثلا؟ هل استطعنا أن نفهم مثلا أنّها جماعة فقدت الثّقة بقدرتها على الانتماء لنفسها، فألقت عبء ضياعها على كلّ حالة استثنائيّة متفرّدة لا تملك مباراتها؟ تناقشك في شؤون الحياة كي تردم الهوّة العميقة بينها وبين ارتباكاتها الشّخصيّة. تناورك في شؤون ليست لها، وتعرف أنت أنّها تناور مساحات ظلمتها الواسعة. تفرض تفكّك خطابها عليك طمعا في قنص سرّ اتّزانك وأنت تعترض مسار تخبّطاتها، أو تصمت حفظا لماء الكرامة، فمثل هؤلاء يحتكّون باسمك ليسقطوا ذهب صمتك بكلّ وسيلة ممكنة، ربّما لأنّ الغوغاء بالعادة لم تحتكم لغير صفائح التّنك، تلك الّتي تستهويك أنت أيضا فتغريك بجمعها لكن لأسباب تخصّ ثقافة روحك أكثر من أيّ شيء آخر.  
أن يعلق جفاف فكرهم بطرف ثوبكَ..
قلّة الإتّزان وفجع الثّقة بما ليس لك، واعتباره ميزة تخصّك أنت بعينيّ فاجعة ما نعيشه الآن من سيل ادّعاءات لا أساس لها في مزايا الشّخوص الّتي نصادفها، وتخذلنا. والأمر ينسحب على من اعتقدت ذات يوم أنّك تعرفهم أو لم تتبيّن مَلَكَتَهُم القيميّة أو الأخلاقيّة. برغم كلّ ادّعاءات الحداثة الّتي نفهمها خطأ فنحن للآن لم نُتقن فهم قدرة الكلمة على قلب معايير الجمال. الجمال وليس نزيلا آخر، الكلمة الّتي نعرفها جميعا، ولا نهتم بملاحقة أثرها في النّفوس. الكلمة الّتي تتفكّك فتصير سيلا من خيوط نصنع منها عالما من الصّور تؤثّر في مشروع الخليقة الإجمالي حين نسكب على وجهها اللّون.
أمّا طرف ثوبي فظلّ مبتلّا بعجز من وقف يُداهم صمتي وغرابة لغته عن الردّ.  لذلك قلت، لا أجيد التّواصل مع هؤلاء، وأفضّل أن أسحب البلل وأمضي، لكنّه حين يتطاولُ متجاوزا إصرارك على تفادي الصّدام، ملزم أنت بمسحِهِ من سلالة الورق، ومُكرهاً ستُبقي عليه في مستنقع تبجّحهِ حتّى خسارة القلب، لن يبحث عنه غير رأسه الّتي داخت بدونِهِ، عذرا .. بدون قلبِه.
أين الخلل إذن؟ أفي ذوقنا أم ذائقة الآخرين في اختيارنا، وأعني اختيار ما يقرأونه لنا؟ أفي غبائهم أم حرارة أدمغتنا الّتي لا قدرة لها الارتقاء في سلّم الفراغ. ربّما يملك البشر ساعات إضافيّة لا يعرفون كيف يملأونها، وقد يكون فنّ السّفسطة الآخذة بحصد السّليم من فكرنا شفاء لهم. لكن ما نبتغيه تماما أن نحوط ما نختزنه من معرفة في القلب، فلا أحد.. لا أحد يمكنه الاستيلاء على مفاتيحهِ ولا بالقوّة ، إذا لم تشأ أنت..
يوليو 019 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يحدث عندنا ذوق أم ذائقة يحدث عندنا ذوق أم ذائقة



GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 01:06 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

دلال عبد العزيز تأمل أن ينال "سابع جار" إعجاب الجمهور

GMT 07:03 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إبراهيموفيتش يفضل بولونيا على حساب ميلان ونابولي

GMT 20:22 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

توقيف سيدة مغربية متزوجة من رجلين في تحناوت

GMT 15:12 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

حكم مباراة الكلاسيكو "وش السعد" على ريال مدريد

GMT 14:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

أنشيلوتي يُطالب بعدم اللعب على ملعب "إنتر ميلان"

GMT 19:53 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

انتحار سبعيني داخل غرفة نونه في تطوان

GMT 10:38 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

جزر سياحية تستحق الزيارة في "صيف 2018"‏

GMT 02:21 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

هند صبري تُشير إلى سبب عدم خوضها للسباق الدرامي في رمضان

GMT 16:19 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

وفاة ستيني مخمور من المحتجزين لدى أمن مراكش

GMT 23:03 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

شبكة دولية خطيرة تغرق المغرب بأوراق نقدية مزورة

GMT 22:24 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيكولا جبران يعيد مايلي سايرس إلى "هانا مونتانا"

GMT 20:48 2014 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

مصطفى السايح نقيبًا لهيئة المحامين في الرباط
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya