فرصة للمصالحة في ليبيا

فرصة للمصالحة في ليبيا

المغرب اليوم -

فرصة للمصالحة في ليبيا

محمد الأشهب

أن تذعن حكومة الوفاق الوطني الليبية إلى موقف برلمان طبرق، لناحية معاودة النظر في تشكيلها، فتلك علامة مشجعة بأوفاق الانضباط إلى حيثيات المرحلة الانتقالية التي يمكن أن تستبدل طلقات البنادق بحوار ديموقراطي داخل المؤسسات، على رغم استمرار الحذر والمؤاخذات.
فالأزمات الحكومية أرحم من الفراغ المهول الذي يفتح أبواب جهنم على الجميع. ولا بأس إن اقتبست ليبيا من جارتها الإيطالية شمال البحر المتوسط أزمات حكومية، على غرار التطبع بمخلفات الحقب الاستعمارية في اللغة وتوريد المظاهر.
منذ البداية كان واضحاً أن اتفاق الصخيرات لا يرضي الأطراف كافة، إلا بالقدر الذي يسمح بالخروج من نفق المأزق الذي ألقى بظلال قاتمة على المشهد الليبي سياسياً وعسكرياً وأمنياً. ولا يعني تشابك هذه المنعرجات سوى أن البلاد في حاجة إلى بلورة معالم إرادة سياسية تقطع مع ما قبلها من تناحرات، وجدتها التنظيمات الإرهابية المتطرفة منافذ للتغلغل في غياب رجاحة منطق الدولة.
التحدي الأمني لا يزاحمه إلا الاستقرار. وستكون الدول الأوروبية كما الولايات المتحدة الأميركية في حل من أي التزام، في حال غياب المحاور المقبول الذي يكفل تنسيق الجهود ذات الصلة بالحرب على الإرهاب والتنظيمات الخارجة عن القانون. لأن لها مصالح لن تنتظر وفاق الإخوة – الأعداء إلى ما لا نهاية. ما يفسر كيف أن الاتفاق بين أطراف الصراع الليبي تحول إلى مطلب دولي برعاية الأمم المتحدة. وليس من قبيل المصادفة أنه في كل مرة واجه فيها حوار المصالحة الليبية الباب المسدود، تعالت أصوات خارجية تهدد بضربات عسكرية.
حسناً فعل رئيس الحكومة الليبية المقترحة فائز السراج، عبر الالتفات إلى تجربة الجزائر في إقرار المصالحة وتكريس الوئام المدني الذي انبثق من رحم العشرية السوداء التي اجتازتها البلاد، فثمة شق غائب في المسار الليبي تتعمد الأطراف كافة إرجاء بحثه، يطاول أوضاع الجماعات المسلحة، بخاصة تلك التي تقبل الدمج وترك السلاح. وسيكون أجدى أن تمتد تلك الالتفاتة إلى كل الجوار.
ففي تونس، تخلصت تجربة ما بعد الثورة وإطاحة نظام الرئيس زين العابدين بن علي من السقوط في نمطية الاستئثار بالسلطة، وإذا كان صحيحاً أنها ما زالت تواجه مشاكل داخلية وتهديدات خارجية متزايدة، فالصحيح أيضاً أنها تجاوزت عنق الزجاجة، وصار في الإمكان احتواء معضلاتها المستعصية، عبر الحوار والتفاهمات.
في اتجاه آخر، ضمن تفاعلات التحولات السياسية في منطقة الشمال الأفريقي، نحا المغرب بنفسه بعيداً، وأدمج التيارات الإسلامية في صلب البناء الديموقراطي. وعلى رغم أنه لا يزال هناك فصيل إسلامي يتمثل في «العدل والإحسان» خارج اللعبة، فالأهم أنه ينضبط للأوفاق السياسية وينبذ العنف ولا يحمل السلاح. وبين كل هذه التجارب لا يمكن إغفال تأثير التطورات التي عرفتها مصر الجارة الغربية.
فقد كان التأثير المصري قوياً. وحاول العقيد معمر القذافي استنساخ تجربة الضباط الأحرار بكل ما لها وما عليها. ولن يكون مفاجئاً أن يتطلع بعض الليبيين إلى حذو المسار المصري، ذلك أن الرئيس عبدالفتاح السيسي طبع توجهات بلاده، والأهم ليس العودة إلى حكم الجيش وإنما العبرة بترتيب الأوضاع على إيقاع الاستقرار الغائب، وإن بكلفة جد مرتفعة.
تختلف المعطيات بين حال وأخرى، إلا أنها تلتقي عند أهمية مطلب الاستقرار الذي من دونه لا يمكن إحراز أي تقدم في البناء الداخلي للدول. وبعد أن كانت ليبيا تغرد خارج السرب في عهد العقيد معمر القذافي، صار في الإمكان إدماجها في السياق العام للتحولات التي تبدأ أولاً بإقرار مصالحة حقيقية. لا يهم إن كان عنوانها الحالي موزعاً بين حكومة الوفاق الانتقالية ومواجهة التهديدات الإرهابية، فالبلاد لن تكون استثناء في التأثر بالموجة العارمة للانفلات الأمني، إلا أن في الإمكان دائماً الانطلاق من أرضية صلبة اسمها الوفاق الوطني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرصة للمصالحة في ليبيا فرصة للمصالحة في ليبيا



GMT 02:07 2020 السبت ,13 حزيران / يونيو

موقف الجزائر!

GMT 01:52 2020 السبت ,13 حزيران / يونيو

الحل

GMT 13:38 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

سوريا: الأخبار الحسنة لا تأتي فُرادى كذلك

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ليبيا والمواجهة المصرية ـ التركية

GMT 12:14 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليبيا واليمن وسوريا

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 05:17 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

نبات "الكافا" أفضل تكملة لتحسين الحالة النفسية

GMT 19:13 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جون سينا يرتدي ملابس نيكي بيلا ويقلدها بشكل غريب للغاية

GMT 00:44 2017 الخميس ,27 إبريل / نيسان

منة شلبي تتحدث عن دورها في مسلسل "واحة الغروب"

GMT 17:20 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكاف" يكشف موقفه من حركة عماد متعب المثيرة للجدل

GMT 02:37 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الأحمر لمسة جديدة تقتحم موضة ملابس الرجال لموسم شتاء 2016

GMT 06:52 2017 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

أسعار العملات العربية والأجنبية بالدينار الجزائري الأربعاء

GMT 10:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

عين الجمل وصفة سحرية للذكاء والجنس والحمية والسرطان

GMT 16:30 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس منظمة الزوايا يُهوِّن من خطر الشيعة في الجزائر

GMT 03:20 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سيدة الصين الأولى تلتقي زوجة رئيس الوزراء البريطاني
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya